عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٩٦
أي: يطلب ابن صياد مستغفلا له ليسمع شيئا من كلامه الذي يتكلم به في خلوته، حتى يظهر للصحابة أنه كاهن، وأصل الختل الخدع، يقال: ختله يختله: إذا خدعه وراوغه، وختل الذئب الصيد إذا اختفى له. قوله: (في قطيفة) هي: كساء مخمل. قوله: (رمرمة)، بالراءين، وهو الصوت الخفي. قوله: (أو زمزمة) شك من الراوي، وهو بالزايين المعجمتين. قوله: (أي صاف)، يعني: يا صاف! وهو بالصاد المهملة والفاء المضمومة أو المكسورة أو الساكنة: ابن صياد. قوله: (فتناهى)، قال ابن الأثير: قيل: هو تفاعل من النهي: العقل، أي: رجع إليه عقله وتنبه من غفلته، وقيل: هو من الانتهاء أي: انتهى عن زمزمته. قوله: (لو تركته بين) أي: لو تركته أمه بحيث لا يعرف قدوم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولم يندهش عنه، بين لكم باختلاف كلامه ما يهون عليكم شأنه.
وقال المهلب: فيه: جواز الاحتيال على المستسرين في جحود الحق حتى يسمع منهم ما يستسرون به ويحكم به عليهم، ولكن بعد أن يفهم عنهم فهما حسيا مبينا.
9362 حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت جاءت امرأة رفاعة القرظي النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كنت عند رفاعة فطلقني فأبت طلاقي فتزوجت عبد الرحمان بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب فقال أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك وأبو بكر جالس عنده وخالد بن سعيد بن العاص بالباب ينتظر أن يؤذن له فقال يا أبا بكر ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند النبي صلى الله عليه وسلم.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (وخالد بن سعيد...) إلى آخر الحديث، بيان ذلك أن خالدا أنكر على امرأة رفاعة ما تلفظت به عند النبي، صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، على ذلك، وكان إنكار خالد عليها لاعتماده على سماع صوتها، وهذا هو حاصل ما يقع من شهادة السمع، لأن خالدا مثل المختفي عنها. وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي، وقد تكرر ذكره، وسفيان هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه مسلم في النكاح عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد والترمذي فيه عن ابن أبي عمر وإسحاق بن منصور والنسائي فيه ومن الطلاق عن إسحاق بن إبراهيم وابن ماجة في النكاح عن أبي بكر بن أبي شيبة، ستتهم عن سفيان به.
قوله: (جاءت امرأة رفاعة)، اسم المرأة: تميمة بنت وهب، ولم يقع في رواية البخاري ولا في رواية غيره من مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة تسمية امرأة رفاعة، وقد سماها مالك في روايته: تميمة بنت وهب، وقال ابن عبد البر في (الاستيعاب): ولا أعلم لها غير قصتها مع رفاعة بن سموأل حديث العسيلة من حديث مالك في (الموطأ) وكذا قال الطبراني في (المعجم الكبير): لها ذكر في قصة رفاعة، ولا حديث لها، وأما زوجها الأول فهو رفاعة بن سموأل القرظي، من بني قريظة. قال ابن عبد البر: ويقال: رفاعة بن رفاة، وهو أحد العشرة الذين فيهم نزلت: * (ولقد وصلنا لهم القول..) * (القصص: 15). الآية، كما رواه الطبراني في (معجمه) وابن مردويه في (تفسيره) من حديث رفاعة بإسناد صحيح، وأما زوجها الثاني فهو عبد الرحمن بن الزبير، بفتح الزاي وكسر الباء الموحدة، بلا خلاف ابن باطا، وقيل: باطيا، من بني قريظة. وأما ما ذكره ابن منده وأبو نعيم في كتابيهما (معرفة الصحابة): أنه من الأنصار من الأوس، ونسباه إلى عبد الرحمن بن الزبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس فغير جيد، وقيل: اسم المرأة سهيمة، وقيل: الغميصاء، وقيل: الرميصاء.
قلت: لما أخرج الترمذي حديث امرأة رفاعة القرظي عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، قال: وفي الباب عن ابن عمر وأنس والرميصاء أو الغميصاء، فهذا يدل على أنهما غير المرأة التي تزوجت بابن الزبير. أما حديث ابن عمر فأخرجه النسائي وابن ماجة عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في الرجل يكون له المرأة ثم يطلقها، ثم يتزوجها رجل فيطلقها قبل أن يدخل بها، فترجع إلى زوجها الأول، قال: (لا حتى تذوق العسيلة). وأما حديث أنس فرواه البيهقي من رواية محمد بن دينار عن يحيى بن يزيد الهنائي، قال: سألت أنس بن مالك عن رجل تزوج امرأة
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»