عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٥٦
إلى ذلك، روي ذلك عن بعض الشافعية. واستدل بالحديث أيضا من ذهب إلى نجاسة سائر أجزاء الميتة من اللحم والشعر والظفر والجلد والسن، وهو قول الشافعي وأحمد، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن ما لا تحله الحياة لا ينجس بالموت: كالشعر والظفر والقرن والحافر والعظم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له مشط من عاج، وهو عظم الفيل، وهو غير مأكول فدل على طهارة عظمه وما أشبهه. وأجيب: بأن المراد بالعاج عظم السمك وهو الذيل. قلت: قال الجوهري: العاج من عظم الفيل، وكذا قاله في (العباب) وفي (المحكم): العاج أنياب الفيل، ولا يسمى غير الناب عاجا، وقال الخطابي: العاج الذبل، وهو خطأ، وفي (العباب): الذيل ظهر السلحفاة البحرية تتخذ منها السوار والخاتم وغيرهما. وقال جرير:
* ترى العبس الحولي جونا بلوغها * لها مسكا من غير عاج ولا ذبل * فهذا يدل على أن العاج غير الذبل، وروى الدارقطني من حديث ابن عباس، قال: إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها، فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به. وروى أيضا من حديث أم سلمة، رضي الله تعالى عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ، ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء. فإن قلت: الحديثان كلاهما ضعيفان لأن في إسناد الأول: عبد الجبار بن مسلم، قال الدارقطني: هو ضعيف، وفي إسناد الثاني: يوسف بن أبي السفر، قال الدارقطني: هو متروك الحديث. قلت: ابن حبان ذكر عبد الجبار في الثقات، وأما يوسف فإنه لا يؤثر فيه الضعف إلا بعد بيان جهته، والجرح المبهم غير مقبول عند الحذاق من الأصوليين، وهو كان كاتب الأوزاعي. قوله: (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك)، أي: عند قوله: هو حرام. قوله: (قاتل الله اليهود) أي: لعنهم. قوله: (جملوه)، بالجيم أي: أذابوه من جملة الشحم أجمله جملا وإجمالا: إذا أذبته واستخرجت دهنه، و: جملت، أفصح من: أجملت، وهذا يدل على أن المراد بقوله: هو حرام، أي: البيع لا الانتفاع. وقال الكرماني: الضمير في: باعوه راجع إلى الشحوم باعتبار المذكور، أو إلى الشحم الذي في ضمن الشحوم. قلت: الأول له وجه، والثاني لا وجه له، على ما لا يخفى.
قال أبو عاصم حدثنا عبد الحميد قال حدثنا يزيد قال كتب إلي عطاء قال سمعت جابرا رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد الشيباني، أحد شيوخ البخاري، وعبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم بن سنان حليف الأنصار، مات سنة ثلاث وخمسين ومائة بالمدينة، حدث هو وابنه سعد وأبوه جعفر وجده أبو الحكم رافع، وله صحبة، وابن عمه عمر بن الحكم بن رافع بن سنان، وهو من ولد القطيون من ولد محرق بن عمرو ومزيقيا، وقيل: القطيون من اليهود وليس من ولد محرق، ورافع بن سنان له حديث في (سنن أبي داود) من رواية ابنه في تخيير الصبي بين أبويه، ويزيد هو ابن أبي حبيب المذكور في الحديث السابق.
وهذا التعليق وصله أحمد، قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن عبد الحميد بن جعفر أخبرني يزيد بن أبي حبيب... الحديث.
311 ((باب ثمن الكلب)) أي: هذا باب في بيان حكم ثمن الكلب.
7322 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمان عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن..
مطابقته للترجمة في قوله: (نهى عن ثمن الكلب).
ورجاله قد ذكروا، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام راهب قريش، مر في الصلاة، وأبو مسعود هو عقبة بن عمر الأنصاري، مر في آخر كتاب الإيمان، وعقبة، بضم العين المهملة وسكون القاف.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»