يقفل عليها بقفل ويغيب فيأتي المسلمون ليشربوا منها فلا يجدونه حاضرا فيرجعون بغير ماء، فشكا المسلمون ذلك، فقال، صلى الله عليه وسلم: من يشتريها ويمنحها للمسلمين ويكون نصيبه فيها كنصيب أحدهم فله الجنة؟ فاشتراها عثمان. وهي بئر معروفة بمدينة النبي، عليه الصلاة والسلام، اشتراها عثمان بخمسة وثلاثين ألف درهم فوقفها، وزعم الكلبي أنه كان قبل أن يشتريها عثمان يشتري منها كل قربة بدرهم. قوله: (فيكون دلوه فيها) أي: دلو عثمان في البئر المذكور كدلاء كل المسلمين، يعني: يوقفها ويكون حظه منها كحظ غيره من غير مزية، وظاهره أن له الانتفاع إذا شرطه، ولا شك أنه إذا جعلها للسقاة إن له الشرب وإن لم يشترط لدخوله في جملتهم.
وفيه: جواز بيع الآبار. وفيه: جواز الوقف على نفسه ولو وقف على الفقراء ثم صار فقيرا جاز أخذه منه.
1532 حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا أبو غسان قال حدثني أبو حازم عن سهل ابن سعد رضي الله تعالى عنه قال أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم والأشياخ عن يساره فقال يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ قال ما كنت لأؤثر بفضلي منك أحدا يا رسول الله فأعطاه إياه..
وجه دخول هذا الحديث في هذا الباب من حيث مشروعية قسمة الماء، وأنه يملك، إذ لو كان لا يمكن لما جاءت فيه القسمة. فإن قلت: ليس في الحديث أن القدح كان فيه ماء؟ قلت: جاء مفسرا في كتاب الأشربة بأنه كان شرابا، والشراب هو الماء أو اللبن المشوب بالماء.
ورجاله: سعيد بن أبي مريم، وهو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري، وأبو غسان، بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة وبالنون: واسمه محمد بن مضر الليثي المدني نزل عسقلان، وأبو حازم، بالحاء المهملة والزاي: سلمة بن دينار الأعرج المدني، قال أبو عمرو: روى أبو حازم هذا الحديث عن أبيه، وقال فيه: وعن يساره أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، وذكر أبي بكر فيه عندهم خطأ، وإنما هو محفوظ في حديث الزهري عن عمرو بن حرملة عن ابن عباس، قال: دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ميمونة، فجاءتنا بإناء فيه لبن فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه، وخالد عن يساره، فقال لي: الشربة لك، وإن شئت آثرت خالدا. فقلت: ما كنت لأوثر بسؤرك أحدا، ثم قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه.
قوله: (وعن يمينه غلام)، هو الفضل بن عباس، حكاه ابن بطال، وحكى ابن التين أنه أخوه عبد الله. قوله: (بفضلي)، ويروى: بفضل.
وفيه: فضيلة اليمين على الشمال، وقد أمروا بالشرب بها والمعاطاة دون الشمال. وفيه: أن من استحق شيئا من الأشياء لم يدفع عنه، صغيرا كان أو كبيرا، إذا كان ممن يجوز إذنه.
2532 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنها حلبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة داجن وهو في دار أنس بن مالك وشيب لبنها بماء من البئر التي في دار أنس فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح فشرب منه حتى إذا نزع القدح من فيه وعلى يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي فقال عمر وخاف أن يعطيه الأعرابي أعط أبا بكر يا رسول الله عندك فأعطاه الأعرابي الذي على يمينه ثم قال الأيمن فالأيمن..
مطابقته للترجمة في قوله وشيب لبنها بماء والماء يجري فيه القسمة وانه يملك وهذا الاسناد بعينه قد مر غير مرة وأبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي وشعيب بن أبي حمزة الحمصي والزهري محمد بن مسلم والحديث