قوله: (عن ابن شهاب) عطف على قوله: (قال ابن شهاب)، وهو موصول بالإسناد المذكور. قوله: (عن عبد الرحمن ابن عبد القاري) بتشديد الياء: نسبة إلى القارة بن ديش محلم بن غالب المدني، وكان عامل عمر، رضي الله تعالى عنه، على بيت المسلمين، مات بالمدينة سنة ثمانين وله ثمان وسبعون سنة. قال ابن معين: هو ثقة، وقيل: إن له صحبة. قوله: (فإذا الناس) كلمة: إذا، للمفاجأة، قوله: (أوزاع)، بسكون الواو بعدها زاي. قال ابن الأثير: أي متفرقون، أراد أنهم كانوا يتنفلون في المسجد بعد صلاة العشاء متفرقين. وقال الجوهري: أوزاع من الناس، أي: جماعات. قال الخطابي: لا واحد لها من لفظها قلت: فعلى قوله: متفرقون، في الحديث يكون صفة: لأوزاع، أي: جماعات متفرقون، وعلى قول ابن الأثير يكون: متفرقون، تأكيدا لفظيا. قوله: (يصلي الرجل)، يجوز أن يكون الألف واللام فيه للجنس أو للعهد. قوله: (الرهط) ما بين الثلاثة إلى العشرة، ويقال إلى الأربعين. قوله: (إني أرى)، هذا من اجتهاد عمر، واستنباطه من إقرار الشارع الناس يصلون خلفه ليلتين، وقاس ذلك على جمع الناس على واحد في الفرض، ولما في اختلاف الأئمة من افتراق الكلمة، ولأنه أنشط لكثير من الناس على الصلاة. قوله: (لكان أمثل)، أي: أفضل. وقيل: أسد. قوله: (فجمعهم على أبي بن كعب)، أي: جعله لهم إماما يصلي بهم التراويح، وكان عمر، رضي الله تعالى عنه، اختاره عملا بقوله، صلى الله عليه وسلم: (يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله). وروى سعيد بن منصور من طريق عروة: (أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب، فكان يصلي بالرجال، وكان تميم الداري يصلي بالنساء). ورواه محمد بن نصر في كتاب: قيام الليل له من هذا الوجه، فقال: سليمان بن أبي حثمة بدل: تميم الداري، ولعل ذلك كان في وقتين. قوله: (ثم خرجت معه) أي: مع عمر ليلة أخرى، وفيه إشعار بأن عمر، رضي الله تعالى عنه، كان لا يواظب الصلاة معهم، وكأنه يرى أن الصلاة في بيته أفضل، ولا سيما في آخر الليل، وعن هذا قال الطحاوي: التراويح في البيت أفضل. قوله: (نعم البدعة)، ويروى: (نعمت البدعة)، بزيادة التاء، ويقال: نعم، كلمة تجمع المحاسن كلها، وبئس، كلمة تجمع المساوىء كلها، وإنما دعاها بدعة لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يسنها لهم، ولا كانت في زمن أبي بكر، رضي الله تعالى عنه. ورغب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيها بقوله: نعم، ليدل على فضلها، ولئلا يمنع هذا اللقب من فعلها. والبدعة في الأصل أحداث أمر لم يكن في زمن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم البدعة على نوعين: إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي بدعة حسنة، وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي بدعة مستقبحة. قوله: (والتي ينامون عنها) أي: الفرقة التي ينامون عن صلاة التراويح أفضل من الفرقة التي يقومون. يريد آخر الليل. وفيه تصريح أن الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله، ولم يقع في هذه الرواية عدد الركعات التي كان يصلي بها أبي بن كعب.
وقد اختلف العلماء في العدد المستحب في قيام رمضان على أقوال كثيرة، فقيل: إحدى وأربعون. وقال الترمذي: رأى بعضهم أن يصلي إحدى وأربعين ركعة مع الوتر، وهو قول أهل المدينة، والعمل على هذا عندهم بالمدينة. قال شيخنا، رحمه الله: وهو أكثر ما قيل فيه. قلت: ذكر ابن عبد البر في (الاستذكار): عن الأسود بن يزيد كان يصلي أربعين ركعة، ويوتر بسبع، هكذا ذكره، ولم يقل: إن الوتر من الأربعين. وقيل: ثمان وثلاثون، رواه محمد بن نصر من طريق ابن أيمن عن مالك. قال: يستحب أن يقوم الناس في رمضان بثمان وثلاثين ركعة، ثم يسلم الإمام والناس، ثم يوتر بهم بواحدة. قال: وهذا العمل بالمدينة قبل الحرة منذ بضع ومائة سنة إلى اليوم، هذا روى ابن أيمن عن مالك، وكأنه جمع ركعتين من الوتر مع قيام رمضان وسماها من قيام رمضان، وإلا فالمشهور عن مالك ست وثلاثون والوتر بثلاث، والعدد واحد. وقيل: ست وثلاثون، وهو الذي عليه عمل أهل المدينة، وروى ابن وهب، قال: سمعت عبد الله بن عمر يحدث عن نافع، قال: لم أدرك الناس إلا وهم يصلون تسعا وثلاثين ركعة ويوترون منها بثلاث وقيل: أربع وثلاثون على ما حكي عن زرارة بن أوفى أنه كذلك كان يصلي بهم في العشر الأخير، وقيل: ثمان وعشرون، وهو المروي عن زرارة بن أوفى في العشرين الأولين من الشهر، وكان سعيد بن جبير يفعله في العشر الأخير. وقيل: أربع وعشرون، وهو مروي عن سعيد بن جبير. وقيل: عشرون، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، فإنه روى عن عمر وعلي وغيرهما من الصحابة، وهو قول أصحابنا الحنفية.
أما أثر عمر، رضي الله تعالى عنه فرواه