نحو: * (وقال الذين كفروا للذين آمنوا) * (مريم: 37، العنكبوت: 21، يس: 74،). وجه البعد أن لفظا من مادة القول إذا استعمل بكلمة: عن، يكون بمعنى النقل، وهذا بعيد جدا، بل غير موجه، ويجوز أن تكون اللام، هنا بمعنى: في، أي: يقول في رمضان، أي: في فضله ونحو ذلك، وذلك كما في قوله تعالى: * (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) * (الأنبياء: 74). أي: في يوم القيامة، ويجوز أن يكون أيضا بمعنى: عند، أي: تصديقا بأنه حق، أي: معتقدا فضيلته، قاله النووي. قوله: (واحتسابا) أي: طلبا للآخرة. وقال الخطابي: أي نية وعزيمة وانتصابهما على الحال، أي: مؤمنا ومحتسبا. قوله: (غفر له ما تقدم من ذنبه)، ظاهره يتناول كل ذنب من الكبائر والصغائر، وبه قطع ابن المنذر، وقال النووي: المعروف أنه يختص بالصغائر، وبه قطع إمام الحرمين. وقال القاضي عياض: هو مذهب أهل السنة، وفي رواية النسائي، من رواية قتيبة عن سفيان: (وما تأخر)، وكذا زادها حامد بن يحيى عند قاسم بن أصبغ، والحسين بن الحسن المروزي في كتاب الصيام له، وهشام ابن عمار في الجزء الثاني عشر من (فوائده) ويوسف بن يعقوب النجاحي في (فوائده): كلهم عن ابن عيينة، ووردت هذه الزيادة أيضا من طريق أبي سلمة من وجه آخر أخرجه أحمد من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي هريرة، وقد وردت هذه الزيادة أعني لفظ:: (وما تأخر) في عدة أحاديث فإن قلت: المغفرة تستدعي سبق شيء من ذنب، والمتأخر من الذنوب لم يأت فكيف يغفر؟ قلت: هذا كناية عن حفظ الله إياهم من الكبائر، فلا يقع منهم كبيرة بعد ذلك، وقيل: معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة.
9002 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه قال ابن شهاب فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله تعالى عنهما..
هذا مضى في كتاب الإيمان، وقد ذكرناه عن قريب.
قوله: (قال ابن شهاب)، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. قوله: (والأمر على ذلك)، جملة حالية والمعنى: استمر الأمر في هذه المدة المذكورة على أن كل أحد يقوم رمضان في أي وجه كان جمعهم عمر، رضي الله تعالى عنه. قوله: (والأمر على ذلك) رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: (والناس على ذلك)، يعني: على ترك الجماعة في التراويح. فإن قلت: روى ابن وهب عن أبي هريرة: (خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإذا الناس في رمضان يصلون في ناحية المسجد، فقال: ما هذا؟ فقيل: ناس يصلي بهم أبي بن كعب. فقال: أصابوا، ونعم ما صنعوا) ذكره ابن عبد البر. قلت: فيه مسلم بن خالد، وهو ضعيف، والمحفوظ أن عمر، رضي الله تعالى عنه، هو الذي جمع الناس على أبي بن كعب، رضي الله تعالى عنه.
وعن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمان بن عبد القاري أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قاريء واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه والتي ينامون أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله.