9591 حدثني عبد الله بن أبي شيبة قال حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما قالت أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس قيل لهشام فأمروا بالقضاء قال لا بد من قضاء، وقال معمر سمعت هشاما لا أدري أقضوا أم لا.
مطابقته للترجمة في قوله: (فأمروا بالقضاء) ويقدر من هذا جواب لكلمة: إذا، في الترجمة، والتقدير: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس عليه القضاء، لأن مقتضى قوله: (فأمروا بالقضاء): عليهم القضاء.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: عبد الله بن أبي شيبة هو عبد الله بن محمد بن أبي شيبة أبو بكر، واسم أبي شيبة: إبراهيم بن عثمان. الثاني: أبو أسامة حماد بن أسامة الليثي. الثالث: هشام بن عروة بن الزبير بن العوام. الرابع: فاطمة بنت المنذر، وهي ابنة عم هشام وزوجته. الخامس: أسماء بنت أبي بكر الصديق.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الإفراد أولا وبصيغة الجمع ثانيا. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن شيخه وأبا أسامة كوفيان والبقية مدنيون. وفيه: رواية الراوي عن زوجته وهو هشام فإن فاطمة امرأته وروايته أيضا عن ابنة عمه كما ذكرنا. وفيه: رواية الراوية عن جدتها لأن أسماء جدة فاطمة. وفيه: رواية التابعية عن الصحابية.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه أبو داود في الصوم أيضا عن هارون بن عبد الله ومحمد بن العلاء، وأخرجه ابن ماجة فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة.
ذكر معناه: قوله: (يوم غيم)، بنصب يوم على الظرفية، وفي رواية أبي داود وابن خزيمة: (في يوم)، قوله: (على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) أي: على زمنه وأيام حياته. قوله: (قيل لهشام) وفي رواية أبي داود: (قال أسامة: قلت لهشام). وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه) وأحمد في (مسنده) قوله: (لا بد من قضاء) يعني لا يترك، وهذه رواية أبي ذر، وفي رواية الأكثرين (بد من قضاء؟) قال بعضهم: هو استفهام إنكار محذوف الأداة، والمعنى: لا بد من قضاء. قلت: هذا كلام مخبط وليس كذلك، بل الصواب أن يقال: هنا حرف استفهام مقدر، تقديره: هل بد من قضاء؟ وقال هذا القائل أيضا: لا يحفظ في حديث أسماء إثبات القضاء ولا نفيه. قلت: إن كان كلامه هذا من جهة الشارع صريحا فمسلم، وإلا فهشام، يقول: فأمروا بالقضاء، ويقول: لا بد من القضاء. وقوله: (فأمروا) يستند إلى أمر الشارع، لأن غير الشارع لا يستند إليه الأمر.
ذكر ما يستفاد منه: دل الحديث على أن من أفطر وهو يرى أن الشمس قد غربت فإذا هي لم تغرب أمسك بقية يومه، وعليه القضاء ولا كفارة عليه، وبه قال ابن سيرين وسعيد بن جبير والأوزاعي والثوري ومالك وأحمد والشافعي وإسحاق، وأوجب أحمد الكفارة في الجماع وروى عن مجاهد وعطاء وعروة بن الزبير أنهم قالوا: لا قضاء عليه وجعلوه بمنزلة من أكل ناسيا، وعن عمر بن الخطاب روايتان في القضاء، وعن عمر أنه قال: من أكل فليقض يوما مكانه، رواه الأثرم، وروى مالك في (الموطأ): عن عمر، رضي الله تعالى عنه، فيه أنه قال: الخطب يسير واجتهدنا. وعن عمر أنه أفطر وأفطر الناس، فصعد المؤذن ليؤذن، فقال: أيها الناس، هذه الشمس لم تغرب، فقال عمر: من كان أفطر فليصم يوما مكانه، وفي رواية أخرى عن عمر: (لا نبالي والله نقضي يوما مكانه) رواهما البيهقي. وقال البيهقي: روى زيد بن وهب قال: (بينما نحن جلوس في مسجد المدينة في رمضان، والسماء متغيمة قد غابت، وإنا قد أمسينا، فأخرجت لنا عساس من لبن من بيت حفصة فشرب وشربنا، فلم نلبث أن ذهب السحاب وبدت الشمس، فجعل بعضنا يقول لبعض: نقضي يومنا هذا، فسمع عمر ذلك، فقال: والله لا نقضيه، وما تجانفنا الإثم)، وغلطوا زيد بن وهب في هذه الرواية المخالفة لبقية الروايات، وقال المنذري: في هذه الرواية إرسال ويعقوب بن سفيان كان يحمل على زيد بن وهب بهذه الرواية المخالفة لبقية الروايات، وزيد ثقة ألا أن الخطأ غير مأمون. قلت: عساس، بكسر العين المهملة وبسينين مهملتين، جمع عس، بضم العين وتشديد السين: وهو القدح، ومنهم من