عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٤٤
وعن مجاهد في رواية: أفضل الأمرين أيسرهما عليه، وقيل: الصوم والفطر سواء وهو قول للشافعي.
وفيه: استحباب تعجيل الفطر.
وفيه: بيان انتهاء وقت الصوم، وهو أمر مجمع عليه، وقال أبو عمر في (الاستذكار): أجمع العلماء على أنه إذا حلت صلاة المغرب فقد حل الفطر للصائم فرضا وتطوعا. وأجمعوا على أن صلاة المغرب من صلاة الليل، والله، عز وجل، قال: * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) * (البقرة: 781). واختلفوا في أنه: هل يجب تيقن الغروب أم يجوز الفطر بالاجتهاد؟ وقال الرافعي: الأحوط أن لا يأكل إلا بيقين غروب الشمس، لأن الأصل بقاء النهار فيستصحب إلى أن يستيقن خلافه. ولو اجتهد وغلب على ظنه دخول الليل بورد وغيره ففي جواز الأجل وجهان: أحدهما، وبه قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائني: أنه لا يجوز. وأصحهما: الجواز وإذا كانت البلدة فيها أماكن مرتفعة وأماكن منخفضة فهل يتوقف فطر سكان الأماكن المنخفضة على تحقق غيبة الشمس عند سكان الأماكن المرتفعة؟ الظاهر اشتراط ذلك، وفيه جواز الاستفسار عن الظواهر لاحتمال أن يكون المراد إمرارها على ظواهرها.
وفيه: أنه لا يجب إمساك جزء من الليل مطلقا بل متى تحقق غروب الشمس حل الفطر.
وفيه: تذكير العالم بما يخشى أن يكون نسيه.
وفيه: أن الأمر الشرعي أبلغ من الحسي، وأن العقل لا يقضي على الشرع.
وفيه: أن الفطر على التمر ليس بواجب، وإنما هو مستحب، لو تركه جاز.
وفيه: إسراع الناس إلى إنكار ما يجهلون لما جهل من الدليل الذي عليه الشارع، وأن الجاهل بالشيء ينبغي أن يسمح له فيه المرة بعد المرة والثالثة تكون فاصلة بينه وبين معلمه، كما فعل الخضر بموسى عليهما السلام، وقال: * (هذا فراق بيني وبينك) * (الكهف: 87).
تابعه جرير وأبو بكر بن عياش عن الشيباني عن ابن أبي أوفى قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر يعني تابع سفيان جرير، بفتح الجيم: ابن عبد الحميد، وتابعه أيضا أبو بكر بن عياش، بتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة: ابن سالم الأسدي الكوفي الحناط، بالنون: المقرئ، وقد اختلف في اسمه على أقوال، فقيل: محمد، وقيل: عبد الله، وقيل: سالم، وقيل غير ذلك إلى أسماء مختلفة، والأصح أن اسمه كنيته، ومتابعة جرير وصلها في البخاري في الطلاق، ومتابعة أبي بكر تأتي موصولة في: باب تعجيل الإفطار، والمراد من المتابعة: المتابعة في أصل الحديث.
2491 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن هشام قال حدثني أبي عن عائشة أن حمزة بن عمر و الأسلمي قال يا رسول الله إني أسرد الصوم. (الحديث 2491 طرفه في: 3491).
مطابقته للترجمة من حيث إن سرد الصوم يتناول الصوم في السفر أيضا كما هو الأصل في الحضر، وأخرج هذا الحديث من طريقين: الأول: عن مسدد عن يحيى عن هشام وهو مختصر. والثاني: عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن هشام إلى آخره، وسيأتي عن قريب.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: مسدد بن مسرهد. الثاني: يحيى بن سعيد القطان. الثالث: هشام بن عروة. الرابع: أبوه عروة بن الزبير بن العوام. الخامس: عائشة أم المؤمنين. السادس: حمزة بن عمرو الأسلمي أبو صالح، وقيل: أبو محمد.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: رواية الابن عن الأب. وفيه: أن الحديث من مسند عائشة، وهذا ظاهر لأن الحفاظ رووه هكذا: وقال عبد الرحيم بن سليمان عند النسائي، والدراوردي عند الطبراني، ويحيى بن عبد الله بن سالم عند الدارقطني، ثلاثتهم عن هشام عن أبيه عن عائشة عن حمزة بن عمرو، جعلوه من مسند حمزة، والمحفوظ أنه من مسند عائشة. وحاء الحديث من رواية حمزة أيضا، فأخرجها مسلم من رواية عمرو بن الحارث عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن أبي مراوح، (عن حمزة بن عمرو الأسلمي، أنه قال: يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل علي جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه). وكذلك رواه محمد بن إبراهيم
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»