جماعة من الصحابة الإطعام منهم: أبو هريرة وابن عباس، كما ذكر، ومنهم عمر بن الخطاب ذكره عبد الرزاق، ونقل الطحاوي عن يحيى بن أكثم، قال: وجدته عن ستة من الصحابة لا أعلم لهم فيه مخالفا، انتهى، وهو قول الجمهور، وخالف في ذلك إبراهيم النخعي وأبو حنيفة وأصحابه، ومال الطحاوي إلى قول الجمهور في ذلك، وقال البيهقي: وروينا عن ابن عمر وأبي هريرة في الذي لم يصم حتى أدرك رمضان يطعم، ولا قضاء عليه، وعن الحسن وطاووس والنخعي يقضي ولا كفارة عليه.
0591 حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا يحيى عن أبي سلمة قال سمعت عائشة رضي الله تعالى عنها تقول كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي الآن إلا في شعبان قال يحيى الشغل من النبي أو بالنبي صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للترجمة من حيث إنه يفسر الإبهام الذي في الترجمة، لأن الترجمة: متى يقضي قضاء رمضان، والحديث يدل على أنه يقضي في أي وقت كان، غير أنه إذا أخره حتى دخل رمضان ثان يجب عليه الفدية عند الشافعي، وقد ذكرنا الخلاف فيه مستقصى، وعند أصحابنا: لا يجب عليه شيء غير القضاء لإطلاق النص.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: أحمد بن يونس، وهو أحمد بن عبد الله بن يونس أبو عبد الله التبروعي التميمي. الثاني: زهير بن معاوية أبو خيثمة الجعفي. الثالث: يحيى، قال صاحب (التلويح): اختلف في يحيى هذا، فزعم الضياء المقدسي أنه يحيى القطان، وقال ابن التين: قيل: إنه يحيى ابن أبي كثير. قلت: وبه قال الكرماني وجزم به، والصحيح أنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، نص عليه الحافظ المزي عند ذكر هذا الحديث، وقال بعضهم منكرا على الكرماني وابن التين في قولهما، إنه يحيى بن أبي كثير، قال: وغفل الكرماني عما أخرجه مسلم عن أحمد بن يونس شيخ البخاري فيه، فقال في نفس السند: عن يحيى بن سعيد. قلت: هو أيضا غفل عن إيضاح ما قاله، لأن المذكور في حديث مسلم يحيى بن سعيد، ولقائل أن يقول: يحتمل أن يكون يحيى هذا هو يحيى بن سعيد القطان، كما قاله الضياء، ولو قال مثل ما قلنا لكان أوضح وأصوب. الرابع: أبو سلمة بن عبد الرحمن. الخامس: أم المؤمنين عائشة، رضي الله تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: السماع وفيه: يحيى عن أبي سلمة، وفي رواية الإسماعيلي: من طريق أبي خالد عن يحيى بن سعيد سمعت أبا سلمة. وفيه: أن شيخه وزهيرا كوفيان، وأن يحيى وأبا سلمة مدنيان. وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابية.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم أيضا في الصوم عن أحمد بن يونس به، وعن محمد بن المثنى وعن عمرو الناقد وعن إسحاق بن إبراهيم وعن محمد بن رافع. وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي عن مالك. وأخرجه النسائي فيه عن عمرو عن علي عن يحيى بن سعيد القطان. وأخرجه ابن ماجة فيه عن علي بن المنذر.
ذكر معناه: قوله: (كان يكون)، د وفي (الأطراف) للمزي: إن (كان يكون) وفائدة اجتماع كان مع يكون يذكر أحدهما بصيغة الماضي والآخر بصيغة المستقبل تحقيق القضية وتعظيمها، وتقديره: وكان الشأن يكون كذا، وأما تغيير الأسلوب فلإرادة الاستمرار، وتكرر الفعل. وقيل: لفظة يكون زائدة كما قال الشاعر:
* وجيران لنا كانوا كرام * وأما رواية: أن كان، فإن كلمة: أن تكون مخفقة من المثقلة، قوله: (أن أقضي) أي: ما فاتها من رمضان. قوله: (قال يحيى)، أي: يحيى المذكور في سند الحديث المذكور إليه فهو موصول. قوله: (الشعل من النبي صلى الله عليه وسلم) مقول يحيى، وارتفاع: الشغل، يجوز أن يكون على أنه فاعل: فعل، محذوف تقديره: قالت يمنعني الشغل، ويجوز إن يكون مبتدأ محذوف الخبر، أي: قال يحيى الشغل هو المانع لها، والمراد من الشغل أنها كانت مهيئة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مترصدة لاستمتاعه في جميع أوقاتها إن أراد ذلك، وأما في شعبان فإنه صلى الله عليه وسلم كان يصومه فتتفرغ عائشة (لقضاء صومها).
قال الكرماني: فإن قلت: شغل منه، بمعنى: فرغ عنه، وهو عكس المقصود، إذ الفرض أن الاشتغال برسول الله صلى الله عليه وسلم هو المانع من القضاء لا الفراغ منه؟ قلت: