منهما يقول هذا خير مني فكلاهما يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا..
مطابقته للترجمة في قوله: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا، أي: نسيئة. فإن قلت: كيف هذه المطابقة والترجمة بيع الورق بالذهب والحديث عكسه، وهو: بيع الذهب بالورق؟ قلت: الباء تدخل على الثمن إذا كان العوضان غير النقدين اللذين هما للثمنية، أما إذا كانا نقدين فلا تفاوت في أيهما دخلت، فهما في المعنى سواء. وقد مضى الحديث في: باب التجارة في البر، فإنه أخرجه هناك: عن الفضل بن يعقوب عن الحجاج بن محمد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار وعامر بن مصعب، كلاهما عن أبي المنهال يقول: سألت البراء بن العازب وزيد بن أرقم... الحديث.
قوله: (عن الصرف) أي: بيع الدراهم بالذهب أو عكسه. قوله: (هذا خير مني)، وفي رواية سفيان، قال: والق زيد بن أرقم فاسأله، فإنه كان أعظمنا تجارة، فسألته الحديث.
وفي الحديث: ما كانت الصحابة عليه من التواضع، وإنصاف بعضهم بعضا، ومعرفة بعضهم حق الآخر.
18 ((باب بيع الذهب بالورق يدا بيد)) أي: هذا باب في بيان حكم بيع الذهب بالورق حال كونه يدا بيد، وهذه الترجمة عكس الترجمة السابقة، فإن قلت: ذكر في تلك الترجمة نسيئة، وفي هذه يدا بيد، هل فيه زيادة نكتة؟ قلت: نعم، أما في تلك الترجمة فلأنه أخرجه هناك من وجه آخر عن أبي المنهال بلفظ: إن كان يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح، وأما هنا فلأنه أشار إلى ما وقع في بعض طرق الحديث الذي فيه، فقد أخرجه مسلم عن أبي الربيع عن عباد الذي أخرجه البخاري من طريقه، وفيه: فسأله رجل، فقال: يدا بيد، فلأجل هذه النكتة قال هناك: نسيئة، وقال هنا: يدا بيد.
2812 حدثنا عمران بن ميسرة قال حدثنا عباد بن العوام قال أخبرنا يحيى بن أبي إسحاق قال حدثنا عبد الرحمان بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الفضة والذهب بالذهب إلا سواء بسواء وأمرنا أن نبتاع الذهب بالفضة كيف شئنا والفضة بالذهب كيف شئنا. (انظر الحديث 5712).
مطابقته للترجمة من حيث إنه مختصر من الحديث الذي فيه ذكر: يدا بيد، كما ذكرنا الآن، فاندفع قول من قال: ذكر في الترجمة (يدا بيد)، وليس في الحديث ذلك، وقد مضى هذا الحديث قبله بثلاثة أبواب في: باب بيع الذهب بالذهب، فإنه أخرجه هناك: عن صدقة بن الفضل عن إسماعيل بن علية عن يحيى بن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، وهنا أخرجه: عن عمران بن ميسرة ضد الميمنة وهو من أفراده، عن عباد، بفتح العين وتشديد الباء الموحدة: ابن العوام، بفتح العين المهملة وتشديد الواو، عن يحيى بن أبي إسحاق... إلى آخره.
قوله: (إلا سواء بسواء) أي: متساويين. قوله: (وأمرنا) هو أمر إباحة. قوله: (أن نبتاع) أي: نشتري، واحتج به على جواز بيع الربويات بعضها ببعض إذا كان سواء بسواء ويدا بيد، وعند اختلاف الجنس يجوز كيف كان، إذا كان يدا بيد. وروى مسلم: (إذا اختلف الأجناس فبيعوا كيف شئتم).
28 ((باب بيع المزابنة وهي بيع التمر بالثمر وبيع الزبيب بالكرم وبيع العرايا)) أي: هذا باب في بيان حكم بيع المزابنة، وقد مر الكلام فيها وفي العرايا في: باب بيع الزبيب بالزبيب مستوفى. قوله: (وهي) أي: المزابنة: بيع التمر، بالتاء المثناة من فوق. قوله: (بالثمر)، بالثاء المثلثة وفتح الميم، وأراد به: الرطب، يعني: بيع التمر اليابس بالرطب. قوله: (بالكرم)، أي: بالعنب.