عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٣٧
منه العموم إذ حكم الوسط غير مذكور، والجواب ما قلنا، أو نقول: إن الوسط آخر بالنسبة إلى الأول، وأول بالنسبة إلى الآخر، على أنا قد ذكرنا الآن أن في رواية صفية: (ولم ينج أوسطهم)، وهذا يغني عن تكلف الجواب. قوله: (ثم يبعثون على نياتهم)، أي: يخسف بالكل لشؤم الأشرار، ثم أنه تعالى يبعث لكل منهم في الحشر بحسب قصده إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
ذكر ما يستفاد منه: يستفاد منه قطعا قصد هذا الجيش تخريب الكعبة، ثم خسفهم بالبيداء وعدم وصولهم إلى الكعبة لإخبار لمخبر الصادق بذلك، وقال ابن التين: يحتمل أن يكون هذا الجيش الذي يخسف بهم هم الذين يهدمون الكعبة فينتقم منهم فيخسف بهم. رد عليه بوجهين: أحدهما: أن في بعض طرق الحديث عند مسلم: (أن ناسا من أمتي)، والذين يهدمونها من كفار الحبشة، والآخر: أن مقتضى كلامه: يخسف بهم، بعد الهدم وليس كذلك، بل خسفهم قبل الوصول إلى مكة فضلا عن هدمها. ومما يستفاد منه: أن من كثر سواد قوم في معصية وفتنة أن العقوبة تلزمه معهم إذا لم يكونوا مغلوبين على ذلك. ومن ذلك: أن مالكا استنبط من هذا أن من وجد مع قوم يشربون الخمر وهو لا يشرب أنه يعاقب، واعترض عليه بعضهم بأن العقوبة التي في الحديث هي الهجمة السماوية، فلا يقاس عليها العقوبات الشرعية، وفيه: نظر، لأن العقوبات الشرعية أيضا بالأمور السماوية، ومن ذلك: أن الأعمال تعتبر بنية العامل والشارع أيضا، قال: (ولكل امرئ ما نوى)، ومن ذلك وجوب التحذير من مصاحبة أهل الظلم ومجالستهم وتكثير سوادهم إلا لمن اضطر. فإن قلت: ما تقول في مصاحبة التاجر لأهل الفتنة؟ هل هي إعانة لهم على ظلمهم أو هي من ضرورات البشرية؟ قلت: ظاهر الحديث يدل على الثاني. والله أعلم. فإن قلت: ما ذنب من أكره على الخروج أو من جمعه وإياهم الطريق؟ قلت: إن عائشة لما سألت وأم سلمة أيضا سألت، (قالت: فقلت: يا رسول الله! فكيف بمن كان كارها؟) رواه مسلم، أجاب صلى الله عليه وسلم بقوله: (يبعثون على نياتهم بها، فماتوا حين حضرت آجالهم، ويبعثون على نياتهم.
9112 حدثنا قتيبة قال حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة أحدكم في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعا وعشرين درجة وذلك بأنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لا ينهزه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع بها درجة أو حطت عنه بها خطيئة والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه اللهم صلي عليه أللهم ارحمه ما لم يحدث فيه ما لم يؤذ فيه وقال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه..
مطابقته للترجمة في قوله: (في سوقه)، والغرض من إيراد هذا الحديث هنا ذكر السوق وجواز الصلاة فيه مع أنه أخرج هذا الحديث في أبواب الجماعة في: باب فضل الجماعة، عن موسى بن إسماعيل عن عبد الواحد عن الأعمش، قال: سمعت أبا صالح، يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... الحديث. وهنا أخرجه: عن قتيبة عن سعيد عن جرير بن عبد الحميد عن سليمان الأعمش عن أبي صالح ذكوان الزيات السمان عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه.
قوله: (لا ينهزه)، بضم الياء آخر الحروف وسكون النون وكسر الهاء بعدها زاي: أي ينهضه وزنا ومعنى، وهذه الجملة كالبيان للجملة السابقة عليها. قوله: (اللهم صل عليه)، أي: يقول: اللهم صل عليه، وهو أيضا بيان لقوله: (تصلي) وكذلك قوله: (اللهم ارحمه) لقوله: (اللهم صل عليه)، وكذا قوله: (ما لم يؤذ فيه) ما لم يحدث فيه، ومعناه: ما لم يؤذ أحدكم الملائكة نتن الحدث.
0212 حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا شعبة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في السوق فقال رجل يا أبا القاسم فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»