وحده، مطرف، موضع: مطر، وليس بصحيح وهو محرف.
قوله: (لا بأس به) أي: بركوب البحر، يدل عليه لفظ التجارة في البحر لأنها لا تكون إلا بالركوب. قوله: (وما ذكره الله) أي: ما ذكر الله ركوب البحر في القرآن إلا بحق، والكلام في هذا الضمير مثل الكلام فيما قبله، ولما رأى مطر أن الآية سيقت في موضع الامتنان استدل به على الإباحة، واستدلاله حسن لأنه تعالى جعل البحر لعباده لابتغاء فضله من نعمه التي عددها لهم، وأراهم في ذلك عظيم قدرته، وسخر الرياح باختلافها لحملهم وترددهم، وهذا من عظيم آياته، ونبههم على شكره عليها بقوله: * (من فضله ولعلكم تشكرون) * (فاطر: 21). وهذه الآية في سورة فاطر، وأما التي في النحل وهي: * (وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا) * (النحل: 41). بالواو، وهذا يرد قول من زعم منع ركوبه في أبان ركوبه، وهو قول يروى عن عمر، رضي الله تعالى عنه، ولما كتب إلى عمرو بن العاص يسأله عن البحر، فقال: خلق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود، فكتب إليه عمر، رضي الله تعالى عنه: أن لا يركبه أحد طول حياته، فلما كان بعد عمر لم يزل يركب حتى كان عمر بن عبد العزيز، فاتبع فيه رأي عمر، رضي الله تعالى عنه، وكان منع عمر لشدة شفقته على المسلمين، وأما إذا كان أبان هيجانه وارتجاجه فالأمة مجمعة على أنه لا يجوز ركوبه، لأنه تعرض للهلاك، وقد نهى الله عباده عن ذلك. بقوله تعالى: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * (البقرة: 591). وقوله تعالى: * (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) * (النساء: 92).
والفلك: السفن، الواحد والجمع سواء الظاهر أنه من كلام البخاري: يعني: أن المراد من الفلك في الآية: السفن، أراد أنه الجمع بدليل قوله: * (مواخر) * (النحل: 41). والسفن بضم السين والفاء : جمع سفينة. قال ابن سيده: سميت سفينة لأنها تسفن وجه الماء. أي: تقشره، فعيلة بمعنى فاعلة، والجمع: سفائن وسفن وسفين. قوله: (الواحد والجمع سواء) يعني: في الفلك، ويدل عليه قوله تعالى: * (في الفلك المشحون) * (الشعراء: 911، يس: 14). وقوله: * (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) * (يونس: 22). فذكره في الإفراد والجمع بلفظ واحد. وقال بعضهم: وقيل: إن الفلك بالضم والإسكان جمع فلك بفتحتين، مثل: أسد وأسد. قلت: هذا الوجه غير صحيح، وإنما الذي يقال: إن صمة فاء: فلك، إذا قوبلت بضم همزة أسد الذي هو جمع يقال جمع، وإذا قوبلت بضم قاف: قفل، يكون مفردا.
وقال مجاهد تمخر السفن الريح ولا تمخر الريح من السفن إلا الفلك العظام قال ابن التين: يريد أن السفن تمخر من الريح، إن صغرت. أي: تصوت، والريح لا تمخر، أي: لا تصوت من كبار الفلك لأنها إذا كانت عظيمة صوتت الريح. وقال عياض: ضبطه الأكثر بنصب السفن، وعكسه الأصيلي، وقيل: ضبط الأصيلي هو الصواب، وهو ظاهر القرآن، إذ جعل الفعل للسفينة، فقال: * (مواخير فيه) *، وقيل: ضبط الأكثر هو الصواب بناء على أن الريح الفاعل، وهي التي تصرف السفينة في الإقبال والإدبار. قوله: (تمخر)، بفتح الخاء المعجمة، أي: تشق، يقال: مخرت السفينة إذا شقت الماء بصوت. وقيل: المخر الصوت نفسه. قوله: (من السفن) صفة لشيء محذوف أي: لا تمخر الريح شيء من السفن إلا الفلك العظام، وهو بالرفع بدل عن شيء، ويجوز فيه النصب، ومواخر جمع ماخرة، ومعنى مواخر: جواري، وقال الزمخشري: سواق.
3602 وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمان بن هرمز عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل خرج في البحر فقضى حاجته وساق الحديث.
مطابقته للترجمة في قوله: (خرج في البحر)، وأشار بهذا إلى أن ركوب البحر لم يزل متعارفا مألوفا من قديم الزمان، وأيضا إن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يقص الله على إنكاره، وهذا الحديث طرف من حديث ساقه بتمامه في كتاب الكفالة على ما يأتي إن شاء الله تعالى، ومضى أيضا في كتاب الزكاة في: باب ما يستخرج من البحر، وذكره هناك بقوله: وقال الليث: حدثني جعفر ابن ربيعة... إلى آخره، بصورة التعليق هناك، وقد مر الكلام فيه هناك.