صلى الله عليه وسلم: (لا حرج)، يدل على الجواز، وإن كان الأصل أن يكون الذبح قبل الحلق.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: محمد بن عبد الله بن حوشب، بفتح الحاء المهملة والشين المعجمة وفي آخره باء موحدة. الثاني: هشيم، بضم الهاء وفتح الشين المعجمة: ابن بشير السلمي. الثالث: منصور بن زاذان، بالزاي والذال المعجمتين، مات سنة ثلاث وثمانين ومائة. الرابع: عطاء بن أبي رباح. الخامس: عبد الله بن عباس.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. والإخبار كذلك في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضع واحد. وفيه: أن شيخه طائفي وأنه من أفراده وأن هشيما ومنصورا واسطيان وأن عطاء مكي.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري من أربعة طرق على ما نذكرها، ومن ستة أوجه: عن منصور عن عطاء عن ابن عباس. عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن ابن عباس، عن ابن خثيم عن عطاء عن ابن عباس، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، عن عكرمة عن ابن عباس. وعن عطاء عن جابر. وأخرجه النسائي في الحج عن يعقوب الدورقي عن هشيم به، ولفظه: (سئل عمن حلق قبل أن يذبح، أو ذبح قبل أن يرمي). وأخرجه أحمد بن حنبل نحو النسائي، وعند مسلم عن طاووس: (عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: لا حرج). وعند الإسماعيلي سئل عمن ذبح قبل أن يحلق، وعمن حلق قبل أن يذبح، وحلق قبل أن يرمي أشياء ذكرها. قال: لا حرج. وعند أبي داود: (كان يسأل يوم منى فيقول: لا حرج، فسأله رجل. فقال: إني حلقت قبل أن أذبح. قال: إذبح ولا حرج، قال: إني أمسيت، ولم أرم. قال: إرم ولا حرج). وروى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. قال: (وقف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاء رجل فقال: يا رسول الله، لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح. فقال: إذبح ولا حرج، ثم جاءه رجل آخر فقال: يا رسول الله، لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال: إرم ولا حرج. قال: فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: إفعل ولا حرج). وأخرجه مسلم من طرق كثيرة.
ثم اعلم أن للعلماء في هذا الباب أقوالا، فذهب عطاء وطاووس ومجاهد إلى أنه: إن قدم نسكا قبل نسك أنه لا حرج عليه، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال ابن عباس: من قدم من حجه شيئا أو أخره فعليه دم، وهو قول النخعي والحسن وقتادة. واختلفوا إذا حلق قبل أن يذبح؟ فقال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وابن جرير: لا شيء عليه، وهو نص الحديث، ونقله ابن عبد البر عن الجمهور، منهم عطاء وطاووس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والحسن وقتادة، وقال النخعي وأبو حنيفة وابن الماجشون: عليه دم، وقال أبو حنيفة: إن كان قارنا فدمان، وقال زفر: إن كان قارنا فعليه ثلاثة دماء: دم للقران ودمان لتقدم الحلاق. وقال أبو يوسف ومحمد: لا شيء عليه، واحتجا بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا حرج)، وفي (التوضيح): وقول أبي حنيفة وزفر مخالف للحديث، فلا وجه له. قلت: ما خالف إلا من جازف، وأبو حنيفة احتج بما رواه ابن أبي شيبة في (مصنفه): حدثنا سلام بن المطيع أو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس، قال: من قدم شيئا من حجه أو أخره فليهرق لذلك دما. وأخرج أيضا عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وجابر بن زيد أبي الشعثاء نحو ذلك، وأخرج الطحاوي عن إبراهيم بن مهاجر نحوه، وأخرجه أيضا عن ابن مرزوق عن الحصيب عن وهيب عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله، ثم أجاب أبو حنيفة عن حديث الباب ونحوه: أن المراد بالحرج المنفي هو الإثم، ولا يستلزم ذلك نفي الفدية. وقال الطحاوي: هذا ابن عباس أحد من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر من أمر الحج إلا قال: لا حرج: فلم يكن معنى ذلك عنده على الإباحة في تقديم ما قدموا، ولا تأخير ما أخروا، مما ذكرنا أن فيه الدم، ولكن معنى ذلك عنده: على أن الذي فعلوه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم كان على الجهل بالحكم فيه، كيف هو فعذرهم لجهلهم وأمرهم في المستأنف أن يتعلموا مناسكه.
2271 حدثنا أحمد بن يونس أخبرنا أبو بكر عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم زرت قبل أن أرمي قال لا حرج قال حلقت قبل أن أذبح قال لا حرج قال ذبحت قبل أن أرمي قا لا حرج.