فقسمتها ثم أمرني بجلالها ثم بجلودها فقسمتها.
.
هذا طريق آخر عن مجاهد أخرجه أبو نعيم الفضل بن دكين عن سفيان بن أبي سليمان المخزومي المكي، ويقال: سيف بن سليمان، تقدم في أبواب القبلة، وابن أبي ليلى هو عبد الرحمن.
وفيه: من الفوائد: أنه عين كمية بدن النبي، صلى الله عليه وسلم، بأنها مائة بدنة.
321 ((باب * (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائش الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) * (الحج: 62، 03)) أي: هذا باب يذكر فيه قوله تعالى: * (وإذ بوأنا) * الآيات إلى قوله: * (خير له عند ربه) *، هكذا وقع في رواية كريمة، وقال بعضهم: والمراد منها ههنا قوله تعالى: * (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) * ولذلك عطف عليها في الترجمة، وما يأكل من البدن وما يتصدق، أي لبيان المراد من الآية. انتهى. قلت: هذا الذي قاله إنما يمشي أن لو لم يكن بين هذه الآيات وبين قوله: (ما يأكل من البدن وما يتصدق) باب، لأن المذكور في معظم النسخ بعد قوله: * (فهو خير له عند ربه) * باب ما يأكل من البدن وما يتصدق، وأين العطف في هذا وكل واحد من البابين ترجمة مستقلة؟ والظاهر أنه ذكر هذه الآيات ترجمة ولم يجد فيها حديثا يطابقها، إما لأنه لم يجده على شرطه، أو أدركه الموت قبل أن يضعه. ووجه آخر وهو أقرب منه: هو أن هذه الآيات مشتملة على أحكام: ذكر هذه الآيات تنبيها على هذه الأحكام، وهي تطهير البيت للطائفين والمصلين من الأصنام والأوثان والأقذار، وأمر الله تعالى لرسوله أن يؤذن للناس بالحج، وذلك في حجة الوداع على ما نذكره عن قريب، وشهود المنافع الدينية والدنياوية المختصة بهذه العبادة، وذكر اسم الله تعالى في أيام معلومات، وهي عشر ذي الحجة على قول، وشكرهم له على ما رزقهم من الأنعام يذبحون، والأمر بالأكل منها وإطعام الفقير. وقضاء التفث مثل حلق الرأس ونحوه، والوفاء بالنذر والطواف بالبيت العتيق وتعظيم حرمات الله تعالى.
قوله: (وإذ بوأنا) أي: اذكر إذ جعلنا لإبراهيم مكان البيت مباءة ومرجعا يرجع إليه للعبادة والعمارة، يقال: بوأ الرجل منزلا أعده، وبوأه غيره منزلا أعطاه، وأصله: إذا رجع، واللام في: لإبراهيم، مقحمة لقوله تعالى: * (بوأنا بني إسرائيل) * (يونس: 39). وقوله: * (تبوىء المؤمنين) * (آل عمران: 121). قوله: (مكان البيت) أي: موضع الكعبة. قيل: المكان جوهر يمكن أن يثبت عليه غيره، كما أن الزمان عرض يمكن أن يحدث فيه غيره. فإن قيل: كيف يكون النهي عن الإشراك والأمر بالتطهير تفسيرا للتبوئة؟ أجيب: بأنه كانت التبوئة مقصودة من أجل العبادة، فكأنه قيل: وإذا تعبدنا إبراهيم قلنا له: لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي من الأصنام والأوثان. قوله: (والقائمين)، أي: المصلين، لأن الصلاة قيام وركوع وسجود، والركع جمع: راكع، والسجد جمع: ساجد، لم يذكر الواو بين الركع والسجد، وذكر بين القائمين والركع لكمال الاتصال بين الركع والسجد، إذ لا ينفك أحدهما عن الآخر في الصلاة فرضا أو نفلا، وينفك القيام من الركوع، فلا يكون بينهما كمال الاتصال. قوله: (وأذن) أي: ناد، عطف على قوله: * (وطهر) * والنداء بالحج أن يقول: حجوا. أمر إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، أن يؤذن في الناس بالحج، وقال إبراهيم، عليه الصلاة والسلام: يا رب! وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن وعلي البلاغ، وعن الحسن أن قوله: * (وأذن في الناس بالحج) * كلام مستأنف، وأن المأمور بهذا التأذين محمد صلى الله عليه وسلم، أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع. قوله: (رجالا) أي: مشاة على أرجلهم، جمع راجل مثل: قائم وقيام، وصائم وصيام. قوله: (وعلى كل ضامر) أي: وركبانا، والضامر البعير المهزول، وانتصاب رجالا على أنه حال، وعلى كل ضامر أيضا حال معطوفة على الحال الأولى. قوله: (يأتين)، صفة لكل ضامر في معنى الجمع، أراد: النوق. قوله: (من كل فج عميق) أي: طريق بعيد.