فرضها ونفلها على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والأئمة على تحريمها على قرابته، صلى الله عليه وسلم. وقال الأبهري المالكي: يحل لهم فرضها ونفلها، وهو رواية عن أبي حنيفة. وقال الإصطخري: إن منعوا الخمس جاز صرف الزكاة إليهم، وروى ابن أبي سماعة عن أبي يوسف أن زكاة بني هاشم تحل لبني هاشم، ولا يحل ذلك لهم من غيرهم. وفي (الينابيع): يجوز للهاشمي أن يدفع زكاته للهاشمي عند أبي حنيفة، ولا يجوز عند أبي يوسف، وفي (جوامع الفقه): يكره للهاشمي عند أبي يوسف، خلافا لمحمد، وروى أبو عصمة عن أبي حنيفة جواز دفعها إلى الهاشمي في زمانه. قال الطحاوي: هذه الرواية عن أبي حنيفة ليست بالمشهورة. وفي (المبسوط): يجوز دفع صدقة التطوع والأوقاف إلى بني هاشم، مروي عن أبي يوسف ومحمد في (النوادر) وفي (شرح مختصر الكرخي) و (الإسبيجابي) و (المفيد) إذا سموا في الوقف، وفي الكرخي: إذا أطلق الوقف لا يجوز لأن حكمهم حكم الأغنياء. وفي (شرح القدوري): الصدقة الواجبة كالزكاة والعشر والنذور والكفارات لا تجوز لهم، وأما الصدقة على وجه الصلة والتطوع فلا بأس، وجوز بعض المالكية صدقة التطوع لهم، وعن أحمد روايتان، وعند الشافعية فيها وجهان، وفي النذور خلاف عندهم، ذكر ذلك إمام الحرمين في (النهاية). وفي (التوضيح)، وفي الحديث دلالة واضحة على تحريم الصدقة على آله صلى الله عليه وسلم، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وللمالكية في إعطائهم من الصدقة أربعة أقوال: الجواز، والمنع، ثالثها: يعطون من التطوع دون الواجب، رابعها: عكسه، لأن المنة قد تقع فيها، والمنع أولاها، وقال الطبري، في مقالة أبي يوسف: لا القياس أصاب ولا الخبر اتبع، وذلك أن كل صدقة وزكاة أوساخ الناس وغسالة ذنوب من أخذت منه هاشميا أو مطلبيا، ولم يفرق الله ولا رسوله بين شيء منها بافتراق حال المأخوذ ذلك منه، قال: وصاحبه أشد قولا منه، لأنه لزم ظاهر التنزيل، وهو * (إنما الصدقات للفقراء) * (التوبة: 06). الآية، وأنكر الأخبار الواردة بتحريمها على بني هاشم، فلا ظاهر التنزيل لزموا ولا بالخبر قالوا. قلت: هذا كلام صادر من غير روية ناشيء عن تعصب باطل، وأبو يوسف من أعرف الناس بموارد التنزيل وأعلمهم بتأويل الأخبار ومداركها، وهذا الطحاوي الذي هو من أكبر أئمة الحديث وأدرى الناس بمذهب أبي حنيفة وأقوال صاحبه نقل عن أبي يوسف: أن التطوع يحرم على بني هاشم، فإذا كان التطوع حراما فالفرض أشد حرمة، ثم إنكار الطبري على صاحب أبي يوسف: أن التطوع يحرم على بني هاشم، فإذا كان التطوع حراما فالفرض أشد حرمة، ثم إنكار الطبريي على صاحب أبي يوسف الذي هو الإمام أبو حنيفة أشد شناعة وأقبح إشاعة حيث يقول: إنه أنكر الأخبار الواردة بتحريمها، ففي أي موضع ذكر هذا عنه على هذه الصيغة؟ والمنقول عنه أنه قط لا يذهب إلى القياس إلا عند عدم النص من الشارع، فعادة هؤلاء المتعصبين أن ينسبوا رواية سقيمة أو شاذة إلى إمام من الأئمة الثلاثة، رضي الله تعالى عنهم، ثم ينكروا عليه بذلك بما لا تحل نسبته إلى أحد منهم.
وفيه: من الفوائد: دفع الصدقات إلى السلطان. وفيه: أن السنة أخذ صدقة التمر عند جذاذة لقوله تعالى: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * (الأنعام: 141). فإن أخرجها عند محلها فسرقت، فقال أبو حنيفة ومالك، رضي الله تعالى عنهما: يجزي عنه، وهو قول الحسن، وقال الزهري والثوري وأحمد: هو ضامن لها حتى يضعها مواضعها. وقال الشافعي: إن كان بقي له من ماله ما فيه زكاة زكاه، وأما إذا أخر إخراجها حتى هلكت؟ فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: إذا أمكن الأداء بعد حلول الحول وفرط حتى هلك المال، فعليه الضمان. وفيه: أن المسجد قد ينتفع به في أمر جماعة المسلمين في غير الصلاة، ألا يرى أنه صلى الله عليه وسلم جمع فيه الصدقات وجعله مخرجا لها، وكذلك أمر أن يوضع فيه مال البحرين حتى قسمه فيه، وكذلك كان يقعد فيه للوفود والحكم بين الناس، ومثل ذلك مما هو أبين منه: لعب الحبشة بالحراب وتعلم المثاقفة، وكل ذلك إذا كان شاملا لجماعة المسلمين، وأما إذا كان العمل لخاصة نفسه فيكره مثل: الخياطة ونحوها، وقد كره قوم التأديب فيه لأنه خاص، ورخص فيه آخرون لما يرجى من نفع تعلم القرآن فيه. وفيه: جواز دخول الأطفال فيه واللعب فيه بغير ما يسقط حرمته إذا كان الأطفال إذا نهوا انتهوا. وفيه: أنه ينبغي أن يتجنب الأطفال ما يتجنب الكبار من المحرمات. وفيه: أن الأطفال إذا نهوا عن الشيء يجب أن يعرفوا لأي شيء نهوا عنه ليكونوا على علم إذا جاءهم أوان التكليف. وفيه: أن لأولياء الصغار المعاتبة عليهم والحول بينهم وبين ما حرم الله على عباده، ألا يرى أنه صلى الله عليه وسلم استخرج التمر من الصدقة من فم الحسن وهو طفل لا تلزمه الفرائض ولم تجر عليه الأقلام؟ فبان بذلك أن الواجب على ولي الطفل والمعتوه، إذا رآه يتناول خمرا يشربها، أو لحم خنزير يأكله، أو مالا لغيره يتلفه، أن يمنعه من فعله ويحول بينه وبين ذلك. وقال صاحب