عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٧٩
3551 حدثنا وقال أبو عمر حدثنا عبد الوارث قال حدثنا أيوب عن نافع قال كان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما إذا صلى بالغداة بذي الحليفة أمر براحلته فرحلت ثم ركب فإذا استوت به استقبل القبلة قائما ثم يلبي حتى يبلغ الحرم ثم يمسك حتى إذا جاء ذا طوى بات به حتى يصبح فإذا صلى الغداة اغتسل وزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذالك.
.
مطابقته للترجمة قوله: (فإذا استوت به استقبل القبلة). وأبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعد البصري، وعبد الوارث بن سعيد وأيوب السختياني، والكل قد ذكروا غير مرة. وهذا تعليق وصله أبو نعيم في (المستخرج) من طريق عباس الدوري عن أبي معمر، وقال: ذكره البخاري بلا رواية، ورواه مسلم في (صحيحه) عن أبي الربيع عن حماد عن أيوب.
قوله: (إذا صلى بالغداة)، أي: إذا صلى الصبح بوقت الغداة، وفي رواية الكشميهني: إذا صلى الغداة، أي: صلاة الغداة وهي الصبح. قوله: (فرحلت)، بناء على المجهول بالتخفيف. قوله: (قائما) نصب على الحال، أي: منتصبا غير مائل على ناقته، وقيل: وصفه بالقيام لقيام راحلته، وقيل: روي بلفظ: فإذا استوت به راحلته قائمة، وقال الداودي: أي استقبل القبلة قائما في الصلاة. وفي السياق تقديم وتأخير، والتقدير: أمر راحلته فرحلت، ثم استقبل القبلة قائما، أي: فصلى ثم ركب، ورد بأنه تعسف فلا حاجة إلى هذا التقدير لعدم ذكر صلاة الإحرام فيه، والاستقبال إنما وقع بعد الركوب، وقد رواه ابن ماجة وأبو عوانه في (صحيحه) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع بلفظ: كان إذا أدخل رجله في الغرز فاستوت به ناقته قائمة أهل. قوله: (ثم يمسك) أي: عن التلبية، وليس المراد بالإمساك عن التلبية تركها أصلا، وإنما المراد التشاغل بغيرها من الطواف وغيره، وقد روي أن ابن عمر كان لا يلبي في طوافه، كما رواه ابن خزيمة في (صحيحه) من طريق عطاء، قال: كان ابن عمر، رضي الله تعالى عنه، يدع التلبية إذا دخل الحرم، ويراجعها بعدما يقضي طوافه بين الصفا والمروة. قوله: (ثم يلبي حتى يبلغ الحرم)، أي: بعدما ركب راحلته يلبي ولا يقطعها حتى يبلغ الحرم. وقال الكرماني: فإن قلت: وقت الإمساك هو صبيحة يوم العيد في منى لا بلوغ الحرم؟ قلت: ليس الغرض منه ههنا بيان وقت على الخصوص، فلهذا أجمل، أو أراد بالحرم منى أو كان ذلك عند التمتع، واعترض عليه بأنه يشكل عليه، قوله في رواية إسماعيل بن علية: (إذا دخل أدنى الحرم). قلت: إذا أريد بالحرم ظاهره لا يبقى الإشكال، وقال بعضهم: المراد بالإمساك ترك تكرار التلبية لا تركها أصلا. قلت: مذهب ابن عمر أنه كان يتركها إذا دخل الحرم، ولا يفهم من ظاهر الكلام إلا تركها، لا ترك تكرارها، لأن بين تركها وبين ترك تكرارها فرقا، وتارك تكرارها لا يسمى تاركا للتلبية. قوله: (ثم يمسك حتى إذا جاء) هي غاية لقوله: استقبل. وقال الكرماني: أو يكون المراد بالحرم هو المتبادر إلى الذهن، وهو أول جزء منه، يعني: يمسك فيما بين أوله وذي طوى، فحتى على هذا الوجه غاية لقوله: يمسك قوله: (ذا طوى)، منصوب لأنه مفعول جاء، وذي طوى، بضم الطاء وفتحها وكسرها، وقيدها الأصيلي بكسرها وبتخفيف الواو: واد معروف بقرب مكة. وقال النووي: هو موضع عند باب مكة بأسفلها في صوب طريق العمرة المعتادة ومسجد عائشة، ويعرف اليوم بآبار الزاهدة، يصرف ولا يصرف، وقال أيضا: إنه مقصور منون. وفي (التوضيح): و ربض من أرباض مكة، وطاؤه مثلثة مع الصرف وعدمه والمد أيضا، وقال السهيلي: واد بمكة في أسفلها وذو طواء ممدودا، وموضع بطريق الطائف. وقيل: و (وقال الكرماني: ويروي حتى إذا حاذى طوى من المحاذاة وبحذف كلمة ذي والأول هو الصحيح لأن اسم الموضع ذو طوى لا: طوى. وفي كتاب (الأذواء): ذو طوى موضع بظاهر مكة به بئاء يستحب لمن يدخل مكة أن يغتسل منها. قوله: (بات به)، أي: بذي طوى أي: فيه.، قوله: (حتى يصبح) أي: إلى أن يدخل في الصباح. قوله: (فإذا صلى الغداة)، أي: صلاة الغداة وهي الصبح. قوله: (اغتسل) جواب: إذا، قوله: (وزعم) أي: قال، ويطلق الزعم على القول الصحيح، وسيأتي في: باب الاغتسال عند دخول مكة، فقال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية عن أيوب عن نافع: كان ابن عمر إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طوى، ثم يصلي به الصبح ويغتسل ويحدث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، وروى الحاكم
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»