جرير عن ابن عباس في قوله: * (من استطاع إليه سبيلا) * (آل عمران: 79). قال: من ملك ثلاثمائة درهم فقد استطاع إليه سبيلا). وعن عكرمة مولاه، قال: (من استطاع إليه سبيلا: السبيل: الصحة). وعن الضحاك عن ابن عباس. (قال: من استطاع إليه سبيلا) قال: الزاد والبعير، قوله: * (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) * (آل عمران: 79). قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: أي: ومن جحد فرضية الحج فقد كفر، والله غني عنه. وقيل: من لم يرج ثوابه ولم يخف عقابه تركه، وقيل: إذا أمكنه الحج ولم يحج حتى مات، وروى ابن مردويه من حديث الحارث عن علي، رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ملك زادا وراحلة ولم يحج بيت الله فلا يضره مات يهوديا أو نصرانيا، وذلك بأن الله تعالى قال: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * (آل عمران: 79). إلى آخره. ورواه الترمذي أيضا، وقال: هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، وهلال مجهول يعني في رواية الحارث يضعف في الحديث، وروى الإسماعيلي الحافظ من حديث عبد الرحمن بن غنم، سمع عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، يقول: (من أطاق الحج فلم يحج فسواء عليه يهوديا مات أو نصرانيا). وهذا إسناد صحيح إلى عمر، قاله ابن كثير في تفسيره. قوله: * (غني عن العالمين) * (آل عمران: 79). أي: لا ينفعه إيمانهم ولا يضره كفرهم.
3151 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما. قال كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم وذالك في حجة الوداع.
.
مطابقته للترجمة تدرك بدقة النظر، وذلك أن الحديث يدل على تأكيد الأمر بالحج حتى إن المكلف لا يعذر بتركه عند عجزه عن المباشرة بنفسه، بل يلزمه أن يستنيب غيره، وهذا يدل على أن في مباشرته فضلا عظيما، فمن هذا تؤخذ المطابقة بين الترجمة والحديث، وسيأتي باب مستقل في فضل الحج، إن شاء الله تعالى.
ورجاله قد ذكروا غير مرة، وسليمان ابن يسار ضد اليمين تقدم في الوضوء.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا عن القعنبي عن مالك، وعن موسى بن إسماعيل في المغازي، وقال محمد بن يوسف: حدثنا الأوزاعي، وفيه وفي الاستئذان عن أبي اليمان عن شعيب، كلهم عن الزهري. وأخرجه مسلم في الحج عن يحيى بن يحيى عن مالك به، وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي به، وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن منيع عن روح بن عبادة وليس فيه صدر الحديث وأخرجه النسائي عن محمد بن سلمة والحارث بن مسكين وعن قتيبة وعن أبي داود الحراني وعن عثمان بن عبد الله وعن مجاهد بن موسى وعن محمود بن خالد. وأخرجه ابن ماجة عن عبد الرحمن ابن إبراهيم الدمشقي عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي... الحديث.
ذكر ما قيل في هذا الحديث: قال أبو العباس الطرقي: مدار هذا الحديث على ابن شهاب، وقد اختلف عنه في إسناده، رواه ابن جريج عنه عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس عن الفضل بن عباس وهو الصحيح عندي، والحديث حديث الفضل لأنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة النحر من المزدلفة إلى منى، وعبد الله بن عباس قدمه النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من جمع بليل، وروي عنه أنه قال: مشيت على رجلي في سياق إلى منى، فقد دل غير شاهد واحد على أن عبد الله لم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة، وإنما سمع ذلك من الفضل، كما جاء في حديث ابن عباس حين دفعوا عشية عرفة: عليكم بالسكينة، قال عبد الله: وأخبرني الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، وكذلك روى مسلم قال: حدثني علي بن خشرم، قال: أخبرنا عيسى عن ابن جريج عن ابن شهاب، قال: حدثنا سليمان بن يسار عن ابن عباس عن الفضل: أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال النبي