عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٢٢
يقرأ بفتح الحاء وكسرها، يعني: في القرآن، والأصل الفتح. قلت: قرىء بهما في السبعة وأكثرهم على الفتح. وفي (أمالي الهجري) أكثر العرب يكسرون الحاء فقط، وقال ابن السكيت: بفتح الحاء: القصد، وبالكسر: القوم الحجاج، والحجة، بالفتح: الفعلة من الحج، وبكسر الحاء: التلبية والإجابة. قلت: يقال في الفعلة بالفتح المرة، وبالكسر الحالة، والهيأة، والحاج الذي يحج، وربما يظهرون التضعيف في ضرورة الشعر قال:
* بكل شيخ عامر أو حاجج * ويجمع على: حجج، بالضم نحو: بازل وبزل، وعائذ وعوذ.
النوع الرابع: في وقت ابتداء فرضه، فذكر القرطبي أن الحج فرض سنة خمس من الهجرة، وقيل: سنة تسع، قال: وهو الصحيح. وذكر البيهقي أنه كان سنة ست، وفي حديث ضمام بن ثعلبة ذكر الحج، وذكر محمد بن حبيب أن قدومه كان سنة خمس من الهجرة، وقال الطرطوشي: وقد روي أن قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم كان في سنة تسع، وذكر الماوردي أنه فرض سنة ثمان، وقال إمام الحرمين: سنة تسع أو عشر، وقيل: سنة سبع، وقيل: كان قبل الهجرة وهو شاذ.
1 ((باب وجوب الحج وفضله)) أي: هذا باب في بيان وجوب الحج وبيان فضله، قد ذكرنا أن الكتاب يجمع الأبواب، فهذا هو شروع في بيان أفعال الحج وما يتعلق به من الأبواب، فذكر بابا بابا بحسب قصده بالتناسب، والبسملة مذكورة في رواية أبي ذر، وفي رواية غيره لم تذكر، وكذا لم يذكر لفظ: الباب.
وقول الله تعالى * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) * (آل عمران: 79).
وقع في بعض النسخ: باب وجوب الحج وفضله، وقوله تعالى: * (ولله على الناس حج البيت) * (آل عمران: 79). وهذا أوجه، وأشار بذكر هذه الآية الكريمة إلى أن وجوب الحج قد ثبت بهذه الآية، هذا عند الجمهور، وقيل: ثبت وجوبه بقوله تعالى * (وأتموا الحج والعمرة لله) * (البقرة: 691). والأول أظهر. وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعا ضروريا. وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا الربيع بن مسلم القرشي عن محمد بن زياد (عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا. فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم. ثم قال: ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، وإذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه). رواه مسلم. وفي روايته: (فقام الأقرع بن حابس، فقال: يا رسول الله أفي كل عام؟...) الحديث. وعن أحمد في روايته: (عن علي، رضي الله تعالى عنه، قال لما نزلت: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * (آل عمران: 79). قالوا: يا رسول الله في كل عام؟...) الحديث. وفي رواية ابن ماجة: (عن أنس بن مالك ، قال: قالوا: يا رسول الله الحج في كل عام؟ قال: لو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت لم تقوموا بها، ولو لو تقوموا بها لعذبتم). وفي (الصحيحين) من حديث جابر (أن سراقة بن مالك، قال: يا رسول الله متعتنا هذه لعامنا أم للأبد؟ قال: بل للأبد؟ قال: بل للأبد). قوله: (حج البيت) مرفوع على الابتداء، وخبره مقدما، قوله: (ولله على الناس) أي: ولله فرض واجب * (على الناس حج البيت) * (آل عمران: 79). لأن: اللام، لام الإيجاب. قوله: * (من استطاع) * (آل عمران: 79). بدل: من الناس، في محل الجر، والتقدير: ولله على من استطاع من الناس حج البيت، والاستطاعة هي: الزاد والراحلة وتخلية الطريق، وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (السبيل: الزاد والرحلة)، رواه الحاكم، ثم قال: صحيح على شرط مسلم، وروى الترمذي من حديث ابن عمر قال: (قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من الحاج يا رسول الله؟ قال: الشعث الثقل، فقام آخر فقال: أي الحج أفضل يا رسول الله؟ فقال العج والثج، فقام آخر، فقال: ما السبيل يا رسول الله؟ قال: الزاد والرحلة). وقال ابن أبي حاتم، وقد روي عن ابن عباس وأنس والحسن ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة نحو ذلك، وقد روى ابن
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»