ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في أربعة مواضع. وفيه: أن رواته كلهم كوفيون. وفيه: ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وهم: الأعمش ومسلم ومسروق.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب، كلاهما عن أبي معاوية عن الأعمش به وعن علي بن حجر وعن يحيى بن يحيى. وأخرجه أبو داود فيه عن أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش به.
ذكر معناه: قوله: (كل الليل)، يجوز في: كل، الرفع والنصب. أما الرفع فعلى أنه مبتدأ والجملة بعده خبره، وأما النصب فعلى الظرفية لقوله: (أوتر)، والمراد منه أنه أوتر في جميع الليل أو في جميع ساعات الليل، يعني: إما أن يراد به جزئيات الليل أو أجزاؤه. وفي رواية مسلم عن مسروق، (عن عائشة قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتهى وتره إلى السحر). وله عن عائشة: (من كل الليل، قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول الليل وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر)، وله في رواية أخرى قالت: (كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى وتره إلى آخر الليل). وفي رواية أبي داود عن مسروق قال: قلت لعائشة: متى كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كل ذلك قد فعل: أوتر أول الليل وأوسطه وآخره، ولكن انتهى وتره حين مات إلى السحر). انتهى. قلت: قد يكون أوتر من أوله لشكوى حصلت، وفي وسطه لاستيقاظه إذ ذاك وآخره غاية له، ومعنى قوله: وانتهى وتره إلى السحر أي: كان آخر أمره صلى الله عليه وسلم أنه أخر الوتر إلى آخر الليل، ويقال: فعله صلى الله عليه وسلم أول الليل وأوسطه، بيان للجواز، وتأخيره إلى آخر الليل تنبيه على الأفضل لمن يثق بالانتباه، وكان بعض السلف يوترون أول الليل، منهم: أبو بكر وعثمان وأبو هريرة ورافع بن خديج، رضي الله تعالى عنهم، وبعضهم يوترون آخر الليل منهم: عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وأبو الدرداء وابن عباس وابن عمر وغيرهم من التابعين، وأما أمره صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة بالوتر قبل النوم فهو اختيار منه له حين خشي عليه من استيلاء النوم، فأمره بالأخذ بالثقة، والترغيب في الوتر في آخر الليل هو لمن قوي عليه، ولم تكن عادته أن تغلبه عيناه، وعند ابن خزيمة من حديث أبي قتادة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر، متى توتر؟ قال: قبل أن أنام. وقال لعمر: متى توتر؟ فقال: أنام ثم أوتر. فقال لأبي بكر أخذت بالحزم أو بالوثيقة، وقال لعمر: أخذت بالقوة، وقال الخطابي: حدثنا محمد بن هشام حدثنا الديري عن عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني ابن شهاب عن ابن المسيب: (أن أبا بكر وعمر تذاكرا الوتر عند النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أما أنا فإني أنام على وتر فإن استيقظت صليت شفعا حتى الصباح. وقال عمر: لكن أنام على شفع ثم أوتر في السحر. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: حذر هذا، ولعمر: قوي هذا). وفي فوائد سمويه من حديث ابن عقيل (عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: أي حين توتر؟ قال: أول الليل بعد العتمة). وقد ذكرنا الاختلاف في أول وقت الوتر، وآخره في الباب الذي قبله.
3 ((باب إيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم أهله بالوتر)) أي: هذا باب في بيان إيقاظ النبي، صلى الله عليه وسلم، والإيقاظ مصدر مضاف إلى فاعله، وقوله: (أهله) بالنصب مفعوله، قوله: (بالوتر) بالباء الموحدة، وفي رواية الكشميهني: (للوتر)، باللام.
799 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى قال حدثنا هشام قال حدثني أبي عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وفائدة وضع هذه الترجمة الإشارة إلى أن المستحب لكل أحد أن يوقظ امرأته لأجل صلاة الوتر إذا نامت قبل الإيتار. وفيه تأكيد لأمر الوتر والامتثال لقوله تعالى: * (وأمر أهلك بالصلاة) * (طه: 231). وفيه مشروعية الوتر في حق النساء.
ورجاله قد ذكروا غير مرة، ويحيى هو القطان، وهشام هو ابن عروة، وعروة هو ابن الزبير بن العوام، وقد ذكر