وإن كشفه الله تعالى ولم يمطروا حمد الله على ذلك ' وقال الخطابي السيب العطاء والسيب مجرى الماء والجمع سيوب وقد ساب يسوب إذا جرى (تابعه القاسم بن يحيى عن عبيد الله ورواه الأوزاعي وعقيل عن نافع) القاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم أبو محمد الهلالي الواسطي مات سنة سبع وتسعين ومائة وهو من أفراد البخاري وعبيد الله هو ابن عمر المذكور وقال صاحب التلويح هذه المتابعة ذكرها الدارقطني في الغرائب عن المحاملي حدثنا حفص بن عمر أخبرنا يحيى عن عبيد الله ولفظه ' صيبا هنيئا ' انتهى (قلت) لم يظهر لي وجه هذه المتابعة قوله ' ورواه الأوزاعي ' أي روى الحديث المذكور عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن نافع وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة عن محمود بن خالد عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن نافع ولفظه ' هنيئا ' بدل ' نافعا ' (فإن قلت) الوليد مدلس (قلت) روي في الغيلانيات من طريق دحيم عن الوليد وشعيب بن إسحاق قالا حدثنا الأوزاعي حدثني نافع وأمن بهذا عن تدليس الوليد واستبعد صحة سماع الأوزاعي من نافع خلافا لمن نفاه قوله ' وعقيل ' بالرفع عطف على الأوزاعي أي ورواه أيضا عقيل بن خالد عن نافع وذكره الدارقطني وذكر فيه اختلافا كثيرا فمرة ذكر رواية الأوزاعي عن نافع ومرة عن رجل عنه ومرة عن محمد بن الوليد عن نافع وذكره مرة عن عقيل عن نافع وقال الكرماني (فإن قلت) لم قال أولا تابعه وثانيا رواه وما فائدة تغيير الأسلوب (قلت) إما لإرادة التعميم لأن الرواية أعم من أن تكون على سبيل المتابعة أم لا وإما لأنهما لم يرويا عن نافع بواسطة عبيد الله بخلاف القاسم فلا يصح عطفهما عليه والله المتعال سبحانه هو يعلم بحقيقة الحال * ((باب من تمطر في المطر حتى يتحادر على لحيته)) أي هذا باب في بيان من تمطر إلى آخره قوله ' تمطر ' بتشديد الطاء على وزن تفعل وباب تفعل يأتي لمعان للتكلف كتشجع لأن معناه كلف نفسه الشجاعة وللاتخاذ نحو توسدت التراب أي أخذته وسادة وللتجنب نحو تأثم أي جانب الإثم وللعمل يعني فيدل على أن أصل الفعل حصل مرة بعد مرة نحو تجرعته أي شربته جرعة بعد جرعة وقال بعضهم أليق المعاني هنا أنه بمعنى مواصلة العمل في مهلة نحو تفكر ولعله أشار إلى ما أخرجه مسلم من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت ' عن أنس قال حسر رسول الله ثوبه حتى أصابه المطر ' وقال لأنه حديث عهد بربه قال العلماء معناه قريب العهد بتكوين ربه فكأن المصنف أراد أن يبين أن تحادر المطر على لحيته لم يكن اتفاقا وإنما كان قصدا فلذلك ترجم بقوله ' من تمطر ' أي قصد نزول المطر عليه لأنه لو لم يكن باختياره لنزل عن المنبر أول ما وكف السقف لكنه تمادى في خطبته حتى كثر نزوله بحيث تحادر على لحيته انتهى (قلت) الذي ذكره أهل الصرف في معاني تفعل هو الذي ذكرناه والذي ذكره هذا القائل يقرب من المعنى الرابع ولكن لا يدل على هذا شيء مما في حديث الباب وقوله ولعله أشار إلى أن ما أخرجه مسلم لا يساعده لأن حديث مسلم لا يدل على مواصلة العمل في مهلة وإنما الذي يدل هو أنه كشف ثوبه ليصيبه المطر لما ذكره من المعنى وهذا لا يدل على أنه واصل ذلك وتمادى فيه حتى يطلق عليه أنه تمطر وقصد هذا المعنى في الحديث غير صحيح ولا وضع الترجمة المذكورة على هذا المعنى وقوله ' تحادر المطر على لحيته ' لم يكن اتفاقا وإنما كان قصدا غيره مسلم من وجهين أحدهما أن الذي تحادر على لحيته لم يكن إلا من الماء النازل من وكف السقف وإن كان هو من المطر في الأصل ولم يكن في المطر الذي أصاب ثوبه في حديث مسلم حاجز بينه وبين الموضع الذي وصل إليه والآخر أن قوله إنما كان قصدا دعوى بلا برهان وليس في الحديث ما يدل على ذلك واستدلاله على ما ادعاه بقوله لأنه لو لم يكن باختياره لنزل عن المنبر إلى آخره لا يساعده لأن لقائل أن يقول عدم نزوله من المنبر إنما كان لئلا تنقطع الخطبة 72 - (حدثنا محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا الأوزاعي قال حدثنا إسحاق بن
(٥٤)