عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ١٨٠
هريرة حتى تزلع ولا اختلاف في الحقيقة في هذه الرواية لأن كلها ترجع إلى معنى واحد وروى البزار من حديث محمد بن عبد الرحمن بن سفينة عن أبيه عن جده ' أن النبي تعبد قبل أن يموت واعتزل النساء حتى صار كأنه شن ' وفي سنده محمد بن الحجاج قال ابن معين ليس بثقة قوله ' أو ساقاه ' شك من الراوي وفي رواية خلاد ' قدماه ' من غير شك قوله ' فيقال له ' لم يذكر المقول ولا بين القائل من هو أما المقول فمقدر تقديره فيقال له غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر وفي حديث أبي هريرة أخرجه البزار ' فقيل له يا رسول الله أتفعل هذا وقد جاءك من الله أن قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ' وفي حديث أنس أخرجه البزار أيضا وأبو يعلى والطبراني في الأوسط ' فقيل له أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ' وفي حديث ابن مسعود أخرجه الطبراني الصغير ' فقيل له يا رسول الله أوليس الله قد غفر لك ' وفي حديث النعمان بن بشير أخرجه الطبراني ' فقيل يا رسول الله أوليس الله قد غفر لك ' وفي حديث أبي جحيفة أخرجه الطبراني في الكبير ' فقيل يا رسول الله قد غفر الله لك ' وأما بيان القائل ففي حديث عائشة ' لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ' وفي رواية أبي عوانة ' فقيل له أتتكلف هذا ' قوله ' أفلا أكون عبدا شكورا ' الفاء فيه للسببية بيان أن الشكر سبب للمغفرة والتهجد هو الشكر فلا يتركه (ذكر ما يستفاد منه) قال ابن بطال فيه أن أخذ الإنسان على نفسه بالشدة في العبادة وإن أضر ذلك ببدنه وله أن يأخذ بالرخصة ويكلف نفسه بما سمحت إلا أن الأخذ بالشدة أفضل لأنه إذا فعل وقد غفر له فكيف من لم يعلم أنه استحق النار أم لا وإنما ألزم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنفسهم شدة الخوف لعلمهم عظيم نعمة الله عليهم وأنه ابتدأهم بها قبل استحقاقها فبذلوا مجهودهم في شكره مع أن حقوق الله تعالى أعظم من أن يقوم بها العباد وقال بعض العلماء ما ورد في القرآن والسنة من ذكر ذنب لبعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كقوله * (وعصى آدم ربه فغوى) * ونحو ذلك فليس لنا أن نقول ذلك في غير القرآن والسنة حيث ورد ويؤول ذلك على ترك الأولى وسميت ذنوبا لعظم مقدارهم كما قال بعضهم حسنات الأبرار سيئات المقربين وعلى هذا فما وجه قول من سأله من الصحابة بقوله ' أتتكلف هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ' والجواب أن من سأله عن ذلك إنما أراد به ما وقع في سورة الفتح ولعل بعض الرواة اختصر عزو ذلك إلى الله لما جاء في حديث أبي هريرة ' تفعل ذلك وقد جاءك من الله أن قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ' ولك أن تقول دل قوله ' وما تأخر ' على انتفاء الذنب لأن ما لم يقع إلى الآن لا يسمى ذنبا في الخارج وأراد الله تأمينه بذلك لشدة خوفه حيث قال النبي ' إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية ' فأراد لو وقع منك ذنب لكان مغفورا ولا يلزم من فرض ذلك وقوعه والله تعالى أعلم. وفي ' أفلا أكون عبدا شكورا ' أن الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان ومنه قوله تعالى * (اعملوا آل داود شكرا) * فإذا وفقه الله تعالى لعمل صالح شكر ذلك بعمل آخر ثم يكون شكر ذلك العلم الثاني بعمل آخر ثالث فيتسلسل ذلك إلى غير نهاية * ((باب من نام عند السحر)) أي هذا باب في بيان حكم من نام عند السحر وفي رواية الأصيلي والكشميهني ' عند السحور ' السحر بفتحتين قبيل الصبح تقول لقيته سحرنا هذا إذا أردت به سحر ليلتك لم تصرفه لأنه معدول عن الألف واللام وهو معرفة وقد غلب عليه التعريف بغير إضافة ولا ألف ولام وإذا أردت بسحر بكرة صرفته كما في قوله تعالى * (إلا آل لوط نجيناهم بسحر) * والسحور ما يتسحر به وهو أيضا لا يكون إلا قبيل الصبح ولكل واحد من الروايتين وجه ولكن عند السحر أوجه وأقرب 160 - (حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو بن دينار أن عمرو بن أوس أخبره أن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»