عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٥
القراءة في شيء من صلاته، وقد قال: إنها مثل صلاته صلى الله عليه وسلم قلت: هذا قريب مما ذكرنا، ولكن لا يدل على وجوب القراءة على المأموم. وقال الكرماني فإن قلت: ما وجه تعلقه بالترجمة؟ قلت: وجهه أن ركود الإمام يدل على قراءته عادة، فهو دال على بعض الترجمة انتهى. قلت: ليس الأمر كذلك، بل يدل على كل الترجمة ما خلا قوله: المأموم، فمن أمعن النظر فيما قالوا وفيما قلت عرف أن الوجه هو الذي ذكرته على ما لا يخفى.
ذكر الرجال المذكورين فيه الأول: موسى بن إسماعيل المنقري التبوذكي. الثاني أبو عوانة، بفتح العين المهملة: واسمه الوضاح، بفتح الواو وتشديد الضاد المعجمة وبعدالألف حاء مهملة: ابن عبد الله اليشكري، مات سنة ست وسبعين ومائة في ربيع الأول. الثالث: عبد الملك بن عمير مصغر عمرو بن سويد الكوفي، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن جماعة من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم، مات سنة ست وثلاثين ومائة في ذي الحجة، وكان على قضاء الكوفة. الرابع: جابر بن سمرة بن جنادة العامري السوائي، يكنى أبا خالد، وقيل: أبو عبد الله، له ولأبيه صحبة، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وستة وأربعون حديثا، اتفقا على حديثين، وانفرد مسلم بستة وعشرين، وهو ابن أخت سعد بن أبي وقاص، سكن الكوفة وابتنى بها دارا، وتوفي في أيام بشر بن مروان على الكوفة بها، وقيل: توفي سنة ست وستين أيام المختار. الخامس: سعد بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص: مالك بن أهيب، ويقال: وهيب بن عبد مناف أبو إسحاق الزهري، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، وحمل على رقاب الناس إلى المدينة ودفن بالبقيع سنة خمس وخمسين، وهو المشهور، وهو آخر العشرة المبشرة وفاة، واختلف في عمره، فأنهى ما قيل: ثلاث وثمانون سنة. السادس: عمر بن الخطاب. السابع: عمار بن ياسر العبسي أبو اليقظان، قتل بصفين سنة سبع وثلاثين، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، وصلى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه. الثامن: أسامة بن قتادة. التاسع: الرجل الذي بعثه سعد في قوله: فأرسل معه رجلا، وهو: محمد بن مسلمة بن خالد الحارثي الأنصاري، فيما ذكره الطبري وسيف، وحكى ابن التين أن عمر، رضي الله تعالى عنه، أرسل في ذلك عبد الله بن أرقم، وروي ابن سعد من طريق مليح بن عوف قال: بعث عمر محمد بن مسلمة وأمرني بالمسير معه، وكنت دليلا بالبلاد، فهؤلاء ثلاثة أنفس. وقوله في الحديث: أو بعث معه رجالا، وأقل الجمع ثلاثة، فيحتمل أن يكون هؤلاء الرجال هم هؤلاء الثلاثة.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري في الصلاة أيضا عن سليمان بن حرب عن شعبة عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي، وعن موسى بن إسماعيل وأبي النعمان، فروايتهما كلاهما عن أبي عوانة. وأخرجه مسلم فيه عن محمد بن المثنى عن ابن مهدي عن شعبة به. وعن أبي كريب عن محمد بن بشر عن مسعر عن عبد الملك بن عمير وأبي عون الثقفي به، وعن يحيى بن يحيى عن هشيم وعن قتيبة وإسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن جرير عن عبد الملك بن عمير به. وأخرجه أبو داود فيه عن حفص بن عمر عن شعبة به، وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن علي عن يحيى عن شعبة به، وعن حماد بن إسماعيل بن إبراهيم عن أبيه عن داود الطائي عن عبد الملك بن عمير في معناه.
ذكر معناه: قوله: (شكا أهل الكوفة)، أي: بعض أهل الكوفة، لأن كلهم ما شكوه، وفيه مجاز من إطلاق اسم الكل على البعض، وفي رواية زائدة عن عبد الملك في صحيح أبي عوانة: (ناس من أهل الكوفة)، وكذا في مسند إسحاق بن راهويه عن جرير عن عبد الملك، وسمي الطبري وسيف عنهم جماعة وهم: الجراح بن سنان وقبيصة واربد الأسديون، وروى عبد الرزاق عن معمر عن عبد الملك عن جابر بن سمرة قال: (كنت جالسا عند عمر، رضي الله تعالى عنه، إذا جاء أهل الكوفة يشكون إليه سعد ابن أبي وقاص حتى قالوا: إنه لا يحسن الصلاة). وأما الكوفة فذكر الكلبي أنها إنما سميت الكوفة بجبل صغير اختطت عليه مهرة، فهم حوله، وكان مرتفعا فسهلوه اليوم، وكان يقال له: كوفان، وكان عاشر كسري يجلس عليه وفي (الزاهر) لابن الأنباري: سميت كوفة لاستدارتها، أخذا من قول العرب: رأيت كوفانا وكوفانا بضم الكاف وفتحها، للرملة المستديرة، ويقال: سميت كوفة لاجتماع الناس بها، من قولهم: قد تكوف الرجل يتكوف تكوفا. إذا ركب بعضه بعضا. ويقال: الكوفة أخذت من الكوفان، يقال: هم في كوفان، أي: في بلاء وشر، ويقال: سميت كوفة لأنها قطعة من البلاد، من قول العرب: قد أعطيت
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»