المغيرة المخزومي، كان واليا بالمدينة وهو الذي ضرب سعيد بن المسيب أفضل التابعين بالسياط، فويل له من ذلك، وفي (المغني): روي عن الحسن أنه استقبل القبلة ولم ينحرف إلى الإمام، وروى الترمذي عن عبد الله بن مسعود، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا). وفي إسناده محمد بن الفضل، وقال الترمذي: هو ضعيف ذاهب الحديث عند أصحابنا، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم يستحبون استقبال الإمام إذا خطب، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. وروى ابن ماجة عن عدي بن ثابت عن أبيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام على المنبر استقبله الناس). وفي (سنن الأثر): عن مطيع أبي يحيى المزني عن أبيه عن جده، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام على المنبر أقبلنا بوجوهنا إليه). وقال ابن أبي شيبة: أخبرنا هشيم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري بإسناد لا أحفظه، قال: (كانوا يجيؤن يوم الجمعة يجلسون حول المنبر ثم يقبلون على النبي صلى الله عليه وسلم بوجوههم)، وفي (المبسوط): كان أبو حنيفة إذا فرغ المؤذن من أذانه أدار وجهه إلى الأمام، وهو قول شريح وطاووس ومجاهد وسالم والقاسم وزادان وعمر بن عبد العزيز وعطاء، وبه قال مالك والأوزاعي والثوري وسعيد بن عبد العزيز وابن جابر ويزيد بن أبي مريم والشافعي وأحمد وإسحاق، قال ابن المنذر: وهذا كالإجماع.
921 حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام عن يحيى عن هلال بن أبي ميمونة قال حدثنا عطاء بن يسار أنه سمع أبا سعيد الخدري قال إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله..
مطابقته للترجمة من حيث إن جلوسهم حول النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا وهم ينظرون إليه، وهو عين الاستقبال.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: معاذ بن فضالة أبو زيد الزهراني البصري. الثاني: هشام الدستوائي. الثالث: يحيى بن أبي كثير. الرابع: هلال بن أبي ميمونة، ويقال: هلال بن هلال، وهو هلال بن علي، تقدم ذكره في أول كتاب العلم. الخامس: عطاء بن يسار، بفتح الياء آخر الحروف. السادس: أبو سعيد الخدري، واسمه: سعد بن مالك مشهور باسمه وكنيته.
ذكر لطائف إسناده: وفيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: السماع. وفيه: القول في موضع واحد. وفيه: أن شيخه من أفراده. وفيه: أن الأول من الرواة بصري. والثاني أهوازي، والثالث يماني والرابع والخامس مدنيان.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري في الجهاد أيضا عن محمد بن سنان عن فليح وفي الزكاة عن معاذ بن فضالة أيضا وفي الرقاق عن إسماعيل بن عبد الله عن مالك. وأخرجه مسلم في الزكاة عن أبي الطاهر ابن السرح وعن علي بن حجر. وأخرجه النسائي فيه عن زياد بن أيوب عن ابن علية به. وأخرجه الترمذي عن ابن مسعود، وقد ذكرناه عن قريب، وفي الباب عن ابن عمر رواه الطبراني في (الأوسط) والبيهقي في (سننه) من رواية عيسى ابن عبد الله الأنصاري عن نافع عن ابن عمر، قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عنده، فإذا صعده استقبل الناس بوجهه). لفظ البيهقي، وضعفه، وقال الطبراني: (فإذا صعد المنبر توجه إلى الناس وسلم عليهم)، وعيسى بن عبد الله فيه مقال، وعن عدي بن ثابت عن أبيه أخرجه ابن ماجة، وقد ذكرناه عن قريب، وعن مطيع أبي يحيى عن أبيه عن جده أخرجه الأثرم، وقد ذكرناه عن قريب، وعن البراء من طريق أبان بن عبد الله البجلي أخرجه ابن خزيمة، وقال: إنه معلول.
ذكر ما يستفاد منه: الحكمة في استقبالهم للخطيب أن يتفرغوا لسماع موعظته وتدبر كلامه ولا يشتغلوا بغيره. قال الفقهاء: إنما استدبر القبلة لأنه إذا استقبلها فإن كان في صدر المسجد كان مستديرا للقوم، واستدبارهم وهم المخاطبون قبيح خارج عن عرف المخاطبات، وإن كان في آخره فإما أن يستقبله القوم فيكونوا مستدبرين القبلة، واستدبار واحد أهون من استدبار الجماعة، وإما أن يستدبروه فتلزم الهيئة القبيحة، ولو خالف الخطيب فاستدبرهم واستقبل القبلة كره وصحت خطبته، وحكى الشاشي وجها شاذا: أنه لا يصح. فإن قلت: ما المراد باستقبال الناس الخطيب؟ هل المراد من يواجهه؟ أو المراد جميع أهل