عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٢٠٧
إلا عن أبيه. وقوله: قال أبو عبد الله) في رواية المستملي وحده، وأشار به إلى أن عنده توقف في وصله لكونه كتبه من حفظه أو لغير ذلك، ولأجل ذلك قال الكرماني: هذا منقطع لأن شيخه لم يروه إلا منقطعا وأن حكم البخاري بأنه رواه من أبيه، قيل: في الأصل هو موصول لا شك فيه لأن الإسماعيلي أخرجه عن ابن ناجية عن أبي حفص، وهو عمرو بن علي شيخ البخاري، فقال فيه: عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، ولم يشك.
19 ((باب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة)) أي: هذا باب ترجمته: لا يفرق أي الداخل المسجد بين اثنين يوم الجمعة.
910 حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن ابن وديعة عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر ثم ادهن أو مس من طيب ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى. (انظر الحديث 883).
مطابقته للترجمة في قوله: (فلم يفرق بين اثنين)، والحديث قد مضى في: باب الدهن للجمعة. أخرجه: عن آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب إلى آخره، وقد تكلمنا هناك على ما يتعلق به من سائر الوجوه، لكن لم نمعن في الكلام في التفريق بين اثنين، ونذكره ههنا إن شاء الله تعالى.
وعبدان، بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة: وهو لقب عبد الله بن عثمان أبو عبد الرحمن المروزي، وقد تكرر ذكره، وعبد الله هو ابن المبارك، وابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن، وقد تكرر ذكره، وأبو سعيد اسمه كيسان، وابن وديعة اسمه عبد الله، ووديعة، بفتح الواو، وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى.
واختلفوا في التفرقة بين اثنين والأشبه بتأويله أن لا يتخطى رجلين أو يجلس بينهما على ضيق الموضع، ويؤيده ما في (الموطأ): عن أبي هريرة: (لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة خير له من أن يقعد حتى إذا قام الإمام جاء يتخطى رقاب الناس). ومعناه: أن المأثم عنده في التخطي أكثر من المأثم في التخلف عن الجمعة، كذا تأوله القاضي أبو الوليد. وقال أبو عبد الملك: إن صلاته بالحرة أحب إلي من أن أتخطى رقاب الناس يوم الجمعة). وعن سعيد بن المسيب مثله، وقال كعب: لأن أدع الجمعة أحب إلي من أن أتخطى رقاب الناس يوم الجمعة. وقال سلمان: إياك والتخطي، واجلس، وهو قول عطاء والثوري وأحمد.
وقد ورد في هذا الباب أحاديث. منها: ما رواه الترمذي من حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا إلى جهنم)، وقال: حديث سهل بن معاذ عن أبيه حديث غريب. ومنها: حديث جابر بن عبد الله: (أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجعل يتخطى الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إجلس فقد آذيت وآنيت). أخرجه ابن ماجة، وفي سنده: إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف. ومنها: حديث عبد الله بن بسر، رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد من رواية أبي الزاهرية، واسمه: صدير بن كريب، قال: (كنا مع عبد الله بن بسر، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، يوم الجمعة فجاء رجل يتخطى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إجلس فقد آذيت). ومنها: حديث عبد الله بن عمرو، رواه أبو داود بإسناد حسن من رواية عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من اغتسل يوم الجمعة..) إلى آخره، وفيه: (ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا)، يعني: لا تكون له كفارة لما بينهما. ومنها: حديث الأرقم أخرجه أحمد في (مسنده): عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الذي يتخطى رقاب الناس ويفرق بين اثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبه في النار)، ورواه الطبراني أيضا في (المعجم الكبير)، وفي سنده هشام بن زياد، ضعفه أحمد وأبو داود والنسائي. ومنها: حديث عثمان بن الأزرق، أخرجه الطبراني في (الكبير) ولفظه: (من تخطى رقاب الناس بعد خروج الإمام وفرق بين اثنين كان
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»