عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ١٩٠
وفيه: أن الاثنين الأولين من الرواة مروزيان والثالث أيلي، وكان مرجئا، وكذا السابع، والرابع والخامس مدنيان. وفيه: قوله: وزاد الليث، إشارة إلى أن رواية الليث متفقة مع ابن المبارك، إلا في القصة، فإنها مختصة برواية الليث، ورواية الليث معلقة، وقد وصلها الذهلي عن أبي صالح كاتب الليث عنه.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الوصايا عن بشر بن محمد أيضا. وأخرجه مسلم في المغازي عن حرملة عن ابن وهب، وأخرج مسلم والترمذي أيضا جحديث: (كلكم راع) بغير هذه القصة عن نافع عن ابن عمر. ورواه البخاري أيضا في النكاح، وقد رواه عن ابن عمر غير نافع أيضا، ورواه أيضا شعبة عن الزهري.
ذكر معناه: قوله: (كلكم راع) أصل: راع راعي فاعل، إعلال قاض، من رعى رعاية، وهو حفظ الشيء وحسن التعهد له، والراعي: هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره، فكل من كان تحت نظره شيء فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته، فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر والجزاء الأكبر، وإن كان غير ذلك طالبه كل أحد من رعيته بحقه. قوله: (وزاد الليث) إلى قوله: (يخبره)، تعليق أي: زاد الليث بن سعد في روايته على رواية عبد الله بن المبارك، وقد وصله الذهلي كما ذكرنا. قوله: (وأنا معه) جملة اسمية وقعت حالا. قوله: (بوادي القرى)، هو من أعمال المدينة. وقال ابن السمعاني: وادي القرى مدينة بالحجاز مما يلي الشام، وفتحها النبي صلى الله عليه وسلم في جمادي الآخرة سنة سبع من الهجرة لما انصرف من خيبر، بعد أن امتنع أهلها وقاتلوا وذكر بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم قاتل فيها، ولما فتحها عنوة قسم أموالها وترك الأرض والنخل في أيدي اليهود، وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر، وأقام عليها أربع ليالي. قوله: (أن أجمع) أي: أصلي بمن معي الجمعة. قوله: (على أرض يعملها)، أي: يزرع فيها. قوله؛ (من السودان).
قوله: (على أيلة)، بفتح الهمزة وسكون الياء آخر الحروف وفتح اللام، قال أبو عبيد: هي مدينة على شاطىء البحر في منتصف ما بين مصر ومكة وتبوك، ورد صاحب أيلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية. وقال البكري: سميت بأيلة بنت مدين بن إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، وقد روي أن أيلة هي القرية التي كانت حاضرة البحر. وقال اليعقوبي: أيلة مدينة جليلة على ساحل البحر الملح، وبها يجتمع حاج الشام ومصر والمغرب، وبها التجارة الكثيرة، ومن القلزم إلى أيلة ست مراحل في برية صحراء يتزود الناس من القلزم إلى أيلة لهذه المراحل. قلت: هي الآن خراب ينزل بها الحاج المصري والمغربي والغزي، وبعض آثار المدينة ظاهر. قوله: (فكتب ابن شهاب وأنا أسمع قول يونس المذكور فيه) أي: كتب محمد بن مسلم بن الشهاب الزهري، والحال أنا أسمع، والمكتوب هو الحديث، والمسموع المأمور به، قاله الكرماني، والظاهر أن الذي كتب هو ابن شهاب، لأن الأصل في الإسناد الحقيقة، ويجوز أن يكون كاتبه كتبه بإملائه عليه فسموه يونس منه، ففي الوجه الأول فيه تقدير، وهو: كتب ابن شهاب وقرأه وأنا أسمعه. قوله: (يأمره) جملة حالية أي: يأمر ابن شهاب رزيق بن حكيم في كتابه إليه أن يجمع، أي: بأن يجمع أي: بأن يصلي بالناس الجمعة، ثم استدل ابن شهاب على أمره إياه بالتجميع بحديث سالم عن أبيه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (كلكم راع...) إلى آخره. وجه الاستدلال به أن رزيقا كان أميرا على الطائفة المذكورة، فكل من كان أميرا كان عليه أن يراعي حقوق رعيته، ومن جملة حقوقهم إقامة الجمعة. قوله: (يخبره) أي: يخبر ابن شهاب رزيقا في كتابه الذي كتب إليه أن سالما حدثه.. إلى آخره. فإن قلت: ما محل: يخبره، من الإعراب؟ قلت: هي جملة وقعت حالا من الضمير المرفوع الذي في: يأمره، من الأحوال المتداخلة، كما أن قوله: (اسمع). وقوله: (يأمره) من الأحوال المترادفة. قوله: (يقول: سمعت) محل: يقول، من الإعراب الرفع لأنه خبر إن ومحل: يقول، الثاني على الحال أي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حال كونه يقول: (كلكم راع)، وهذه جملة اسمية، وإفراد الخبر بالنظر إلى لفظة: كل، وقد اشترك الإمام والرجل والمرأة والخادم في هذه التسمية، ولكن المعاني مختلفة: فرعاية الإمام إقامة الحدود والأحكام فيهم على سنن الشرع، ورعاية الرجل أهله سياسته لأمرهم وتوفية حقهم في النفقة والكسوة والعشرة، ورعاية
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»