إذا كان الإمام لحانا، ومما يؤيد ما ذهب إليه أصحابنا ما أخرجه أبو داود من حديث أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به)، بهذا الخبر، وزاد: (وإذا قرأ فأنصتوا)، رواه النسائي وابن ماجة والطخاوي، وهذا حجة صريحة في أن المقتدي لا يجب عليه أن يقرأ خلف الإمام أصلا على الشافعي في جميع الصلوات، وعلى مالك في الظهر والعصر. فإن قلت: قد قال أبو داود عقيب إخراجه هذا الحديث: وهذه الزيادة يعني: (إذا قرأ فأنصتوا) ليست بمحفوظة الوهم من أبي خالد أحد رواته، واسمه: سليمان بن حيان، بفتح الحاء وتشديد الياء آخر الحروف: وهو من رجال الجماعة. وقال البيهقي في (المعرفة): أجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة، وأسند عن ابن معين في (سننه الكبير) قال: في حديث ابن عجلان وزاد: (وإذا قرأ فأنصتوا)، ليس بشيء، وكذا قال الدارقطني في حديث أبي موسى الأشعري: (وإذا قرأ الإمام فأنصتوا)، وقد رواه أصحاب قتادة الحفاظ عنه منهم: هشام الدستوائي وسعيد وشعبة وهمام وأبو عوانة وأبان وعدي بن أبي عمارة ولم يقل واحد منهم: (وإذا قرأ فأنصتوا قال: وإجماعهم يدل على وهمه، وعن أبي حاتم: ليست هذه الكلمة بمحفوظة، إنما هي من تخاليط ابن عجلان. قلت: في هذا كله نظر، أما ابن عجلان فإنه وثقه العجلي، وفي (الكمال): ثقة كثير الحديث، وقال الدارقطني: إن مسلما أخرج له في (صحيحه) قلت: أخرج له الجماعة البخاري مستشهدا وهو محمد بن عجلان المدني، فهذا زيادة ثقة فتقبل، وقد تابعه عليهما خارجة ابن مصعب ويحيى بن العلاء، كما ذكره البيهقي في (سننه الكبير) وأما أبو خالد فقد أخرج له الجماعة كما ذكرنا، وقال إسحاق ابن إبراهيم: سألت وكيعا عنه فقال: أبو خالد ممن يسأل عنه؟ وقال أبو هشام الرافعي: حدثنا أبو خالد الأحمر الثقة الأمين، ومع هذا لم ينفرد بهذه الزيادة، وقد أخرج النسائي كما ذكرنا هذا الحديث بهذه الزيادة من طريق محمد بن سعد الأنصاري ومحمد بن سعد ثقة، وثقه يحيى بن معين، وقد تابع ابن سعد هذا أبا خالد، وتابعه أيضا إسماعيل بن أبان، كما أخرجه البيهقي في (سننه) وقد صحح مسلم هذه الزيادة من حديث أبي موسى الأشعري، ومن حديث أبي هريرة، وقال أبو بكر: لمسلم حديث أبي هريرة، يعني: (إذا قرأ فأنصتوا) قال: هو عندي صحيح، فقال: لم لا تضعه ههنا؟ قال: ليس كل شيء عني صحيح وضعته ههنا، وإنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه، وتوجد هذه الزيادة أيضا في بعض نسخ مسلم عقيب الحديث المذكور، وفي (التمهيد) بسنده عن ابن حنبل أنه صحح الحديثين، يعني: حديث أبي موسى وحديث أبي هريرة، والعجب من أبي داود أنه نسب الوهم إلى أبي خالد وهو ثقة بلا شك، ولم ينسب إلى ابن عجلان وفيه كلام، ومع هذا أيضا فابن خزيمة صحح حديث ابن عجلان.
757 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا يحيى عن عبيد الله قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد وقال ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى كما صلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إرجع فصل فإنك لم تصل ثلاثا فقال والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني فقال إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا وافعل ذلك في صلاتك كلها..
مطابقته للترجمة تأتي بالاستئناس في الجزء السادس من الترجمة، وهو قوله: وما يخافت، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر الرجل المذكور في هذا الحديث بالقراءة في صلاته وكانت صلاته نهارية، لأن أصل صلاة النهار على الإسرار إلا ما خرج بدليل كالجمعة والعيدين، وأصل صلاة الليل على الجهر، فإن خالف فعليه سجود السهو عندنا خلافا للشافعي، وقد مر الكلام فيه مستقصى. وقال ابن بطال: ومن لم يوجب السجود في ذلك أشبه بدليل حديث أبي قتادة الآتي فيما بعد، وكان يسمعنا الآية أحيانا وهو دال على القصد إليه والمداومة عليه، فإنه لما كان الجهر والإسرار من سنن الصلاة، وكان صلى الله عليه وسلم