واسمه عبد الله بن أويس قال أخبرني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ' أن النبي كان إذا أم الناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ' ورواه الدارقطني في سننه وابن عدي في الكامل فقالا فيه قرأ عوض جهر وكأنه رواه بالمعنى (قلت) أبو أويس ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم فلا يحتج بما انفرد به فكيف إذا انفرد بشيء وقد خالفه فيه من هو أوثق منه (فإن قلت) أخرج مسلم لأبي أويس (قلت) صاحبا الصحيح إذا أخرجا لمن تكلم فيه إنما يخرجان بعد إنقائهما من حديثه ما توبع عليه وظهرت شواهده وعلم أن له أصلا ولا يخرجان ما تفرد به سيما إذا خالف الثقات وهذه العلة راجت على كثير ممن استدرك على الصحيحين فتساهلوا في استدراكهم ومن أكثرهم تساهلا الحاكم أبو عبد الله في كتابه المستدرك فإنه يقول هذا على شرط الشيخين أو أحدهما وفيه هذه العلة إذ لا يلزم من كون الراوي محتجا به في الصحيح أنه إذا وجد في أي حديث كان يكون ذلك الحديث على شرطه ولهذا قال ابن دحية في كتاب العلم المشهور ويجب على أهل الحديث أن يتحفظوا من قول الحاكم أبي عبد الله فإنه كثير الغلط ظاهر السقط وقد غفل عن ذلك كثير ممن جاء بعده وقلده في ذلك (فإن قلت) قد جاء في طريق آخر أخرجه الدارقطني عن خالد بن الياس عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله ' علمني جبريل عليه الصلاة والسلام الصلاة فقام فكبر لنا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر به في كل ركعة ' (قلت) هذا إسناد ساقط فإن خالد بن الياس مجمع على ضعفه وعن البخاري عن أحمد أنه منكر الحديث وقال ابن معين ليس بشيء ولا يكتب حديثه وقال النسائي متروك الحديث وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الثقات وقال الحاكم روى عن المقبري ومحمد بن المنكدر وهشام بن عروة أحاديث موضوعة (فإن قلت) روى الدارقطني أيضا عن جعفر بن مكرم حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد المجيد عن جعفر أخبرني نوح بن أبي بلال عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله ' إذا قرأتم الحمد فاقرؤا بسم الله الرحمن الرحيم إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها ' (قلت) قال أبو بكر الحنفي ثم لقيت نوحا فحدثني عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مثله ولم يرفعه (فإن قلت) قال عبد الحق في أحكامه الكبرى رفع هذا الحديث عبد الحميد بن جعفر وهو ثقة وثقه ابن معين (قلت) كان سفيان الثوري يضعفه ويحمل عليه ولئن سلمنا رفعه فليس فيه دلالة على الجهر ولئن سلم فالصواب فيه الوقف قال الدارقطني لأنه رواه المعافي بن عمران عن عبد الحميد عن نوح عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعا ورواه أسامة بن زيد وأبو بكر الحنفي عن نوح عن المقبري عن أبي هريرة موقوفا (فإن قلت) هذا موقوف في حكم المرفوع إذ لا يقول الصحابي أن البسملة إحدى آيات الفاتحة إلا عن توقيف أو دليل قوي ظهر له فحين إذن يكون له حكم سائر آيات الفاتحة من الجهر والإسرار (قلت) لعل أبا هريرة سمع النبي يقرأها فظنها من الفاتحة فقال إنها إحدى آياتها ونحن لا ننكر أنها من القرآن ولكن النزاع في موضعين. أحدهما أنها آية من الفاتحة والثاني أن لها حكم سائر آيات الفاتحة جهرا وسرا ونحن نقول أنها آية مستقلة قبل السورة وليست منها جمعا بين الأدلة وأبو هريرة لم يخبر عن النبي أنه قال هي إحدى آياتها وقراءتها قبل الفاتحة لا تدل على ذلك وإذا جاز أن يكون مستند أبي هريرة قراءة النبي لها وقد ظهر أن ذلك ليس بدليل على محل النزاع فلا تعارض به أدلتنا الصحيحة الثابتة وأيضا فالمحفوظ الثابت عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة في هذا الحديث عدم ذكر البسملة كما رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله ' الحمد لله هي أم القرآن وهي السبع المثاني والقرآن العظيم ' ورواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح على أن عبد الحميد بن جعفر ممن تكلم فيه ولكن وثقه أكثر العلماء واحتج به مسلم في صحيحه وليس تضعيف من ضعفه مما يوجب رد حديثه ولكن الثقة قد يغلط والظاهر أنه قد غلط في هذا الحديث والله تعالى أعلم. وأما حديث أم سلمة فرواه الحاكم في المستدرك عن عمر بن هارون عن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها ' أن رسول الله قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية الحمد لله رب العالمين آيتين الرحمن الرحيم ثلاث آيات إلى آخره ' ورواه الدارقطني
(٢٨٦)