فإن التفت بجميع بدنه لا يقطع الصلاة ووجهه أنه لم يأمر منه بالإعادة حين أخبر أنه اختلاس من الشيطان ولو وجبت فيه الإعادة لأمرنا بها لأنه نصب معلما كما أمر الأعرابي بالإعادة مرة بعد أخرى وقال القفال في فتاويه وإذا التفت في صلاته التفاتا كثيرا في حال قيامه إن كان جميع قيامه كذلك بطلت صلاته وإن كان في بعضه فلا لأنه عمل يسير قال وكذا في الركوع والسجود لو صرف وجهه وجبهته عن القبلة لم يجز لأنه مأمور بالتوجه إلى الكعبة في ركوعه وسجوده قال ولو حول أحد شقيه عن القبلة بطلت صلاته لأنه عمل كثير وممن كان لا يلتفت فيها الصديق والفاروق ونهى عنه أبو الدرداء وأبو هريرة وقال ابن مسعود إن الله لا يزال ملتفتا إلى العبد ما دام في صلاته ما لم يحدث أو يلتفت وقال عمرو بن دينار رأيت ابن الزبير يصلي في الحجر فجاءه حجر قدامه فذهب بطرف ثوبه فما التفت وقال ابن أبي مليكة ابن الزبير كان يصلي بالناس فدخل سيل في المسجد فما أنكر الناس من صلاته شيئا حتى فرغ وفي المبسوط حد الالتفات المكروه أن يلوي عنقه حتى يخرج من جهة القبلة والالتفات عن يمنة أو يسرة انحراف عن القبلة ببعض بدنه فلو انحرف بجميع بدنه تفسد صلاته ولو نظر بمؤخر عينيه يمنة أو يسرة من غير أن يلوي عنقه لا يكره على ما نذكره إن شاء الله تعالى. وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الباب. منها حديث أنس أخرجه الترمذي عنه قال قال رسول الله ' يا بني إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة قال فإن كان ولا بد ففي التطوع لا في الفريضة ' وقال الترمذي هذا حديث حسن وانفرد بهذا الحديث. ومنها حديث أبي ذر أخرجه أبو داود والنسائي عنه قال قال رسول الله ' لا يزال الله عز وجل مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتف فإذا صرف وجهه انصرف عنه ' ورواه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ومنها حديث أبي الدرداء أخرجه الطبراني في الكبير قال ' سمعت رسول الله يقول ' فذكر حديثا في آخره ' إياكم والالتفات في الصلاة فإنه لا صلاة لملتفت فإن غلبتم في التطوع فلا تغلبوا في الفريضة ' وفيه عطاء بن عجلان وهو ضعيف. ومنها حديث جابر أخرجه البزار في مسنده قال قال رسول الله ' إذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه فإذا التفت قال يا ابن آدم إلى من تلتفت إلى من هو خير لك مني أقبل إلي فإذا التفت الثانية قال مثل ذلك وإذا التفت الثالثة صرف الله تعالى وجهه عنه ' وفيه الفضل بن عيسى وهو ضعيف. ومنها حديث عبد الله بن سلام أخرجه الطبراني أيضا قال قال رسول الله ' لا صلاة لملتفت ' وفيه الصلت بن طريف قال الدارقطني مضطرب الحديث. ومنها حديث أبي هريرة أخرجه الطبراني أيضا عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي قال ' إياكم والالتفات في الصلاة فإن أحدكم يناجي ربه ما دام في صلاته '. حديث آخر عن أنس أخرجه ابن حبان في كتاب الضعفاء قال قال رسول الله ' المصلي يتناثر على رأسه الخير من عنان السماء إلى مفرق رأسه وملك ينادي لو يعلم هذا العبد من يناجي ما انفتل ' وفيه عباد بن كثير قال ابن حبان هو عندي لا شيء في الحديث قال وكان ابن معين يوثقه وليس هذا بعباد بن كثير الثقفي ساكن مكة ومن الناس من جعلهما واحدا وفيه نظر وجه النظر أن عباد بن كثير الذي في سند الحديث المذكور روى عن الثوري وروى عنه يحيى بن يحيى والثقفي مات قبل الثوري وأبى الثوري أن يشهد جنازته ويحيى بن يحيى كان طفلا صغيرا 140 - (حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى في خميصة لها أعلام فقال شغلتني أعلام هذه اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية) وجه مطابقته للترجمة من حيث أن أعلام الخميصة إذا لحظها المصلي وهو على عاتقه كان يلتفت إليها يسيرا ألا ترى
(٣١١)