(وشاب نشأ في عبادة ربه)، لأن من هذه صفته يكون له ملازمة للمساجد بقالبه، وأما عن قلبه فلا يخلو، وإن عرض لقالبه عارض، وهذا أيضا يدل على فضل المساجد.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: محمد بن بشار، بفتح الباء الموحدة وتشديد الشين المعجمة. الثاني: يحيى بن سعيد القطان. الثالث: عبيد الله، بتصغير العبد، ابن عمر العمري. الرابع: خبيب، بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره باء موحدة، ابن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف، أبو الحارث الأنصاري المدني، وهو خال عبيد الله بن عمر المذكور، الخامس: حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو جد عبيد الله المذكور لأبيه. السادس: أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: القول في موضعين. وفيه: رواية الرجل عن خاله وجده. وفيه: أن رواته ما بين بصريين وهما: محمد بن بشار ويحيى، والبقية مدنيون. وفيه: أن شيخ البخاري مشهورا ببندار، ويحيى مشهور بالقطان. وفيه: عن حفص ابن عاصم عن أبي هريرة من حديث يحيى بن يحيى والترمذي من حديث معن، قالا: حدثنا مالك عن خبيب عن حفص ابن عاصم عن أبي هريرة أو أبي سعيد قال الترمذي كذا روى غير واحد عن مالك وشك فيه وقال ابن عبد البر كل من رواه عن مالك قال فيه أو أبي سعيد، إلا أبا قرة ومصعبا، فإنهما قالا: عن مالك عن خبيب عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعا، وكذا رواه أبو معاذ البلخي عن مالك ورواه الوقار زكريا بن يحيى عن ثلاثة من أصحاب مالك عن أبي سعيد وحده ولم يتابع. قلت: الثلاثة هم: عبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، ويوسف بن عمرو بن يزيد. وفي (غرائب) مالك) للدارقطني: رواه أبو معاذ عن أبي سعيد أو عن أبي هريرة أو عنهما جميعا أنهما قالا... فذكره. قلت: وفيه رد لما ذكره ابن عبد البر.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الزكاة عن مسدد، وفي الرقاق عن محمد بن بشار، وفي المحاربين عن محمد بن سلام. وأخرجه مسلم في الزكاة عن زهير بن حرب ومحمد بن المثنى وعن يحيى بن يحيى عن مالك. وأخرجه الترمذي في الزهد عن سوار بن عبد الله العنبري ومحمد بن المثنى وعن إسحاق بن موسى. وأخرجه النسائي في القضاء وفي الرقاق عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك به.
ذكر معناه: قوله: (سبعة) أي: سبعة أشخاص، وإنما قدرنا هكذا ليدخل فيه النساء، فالأصوليون ذكروا أن إحكام الشرع عامة لجميع المكلفين، وحكمه على الواحد حكم على الجماعة إلا ما دل الدليل على خصوص البعض فإن قلت: ما وجه التخصيص بذكر هذه السبعة؟ قلت: التنصيص بالعدد في شيء لا ينفي الحكم عما عداه، وقد روى مسلم من حديث أبي اليسر مرفوعا: (من أنظر معسرا أو وضع له، أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله). وهاتان الخصلتان غير الخصال السبعة المذكورة، فدل على ما قلنا. وقال الكرماني: وأما التخصيص بذكر هذه السبعة فيحتمل أن يقال فيه: ذلك لأن الطاعة إما تكون بين العبد وبين الله أو بينه وبين الخلق، والأول: إما أن يكون باللسان أو بالقلب أو بجميع البدن، والثاني: إما أن يكون عاما وهو العدل، أو خاصا وهو إما من جهة النفس وهو التحاب أو من جهة البدن، أو من جهة المال. انتهى. قلت: أراد كونه باللسان هو الذكر، وأراد كونه بالقلب هو المعلق بالمسجد، وأراد بجهة جميع البدن الناشئ بالعبادة، وبجهة المال: الصدقة، ومن جهة البدن في الصورة الخاصة هي: العفة. قوله: (يظلهم الله)، جملة في محل الرفع على أنها خبر للمبتدأ أعني قوله: (سبعة). وقال عياض: إضافة الظل إلى الله إضافة ملك، وكل ظله فهو ملكه قلت: إضافة الظل إليه إضافة تشريف ليحصل امتياز هذا عن غيره، كما يقال للكعبة: بيت الله، مع أن المساجد كلها ملكه. وأما الظل الحقيقي فالله تعالى منزه عنه، لأنه من خواص الأجسام، ويقال: المراد ظل العرش، ويؤيده ما رواه سعيد بن منصور بإسناد حسن من حديث سلمان، رضي الله تعالى عنه: (سبعة يظلهم الله في ظل عرشه...) فذكر الحديث، ثم كونهم في ظل عرشه يستلزم ما ذكره بعضهم من أن معنى: (يظلهم الله)، يسترهم في ستره ورحمته. تقول العرب: أنا في ظل فلان، أي: في ستره وكنفه، وتسمي العرب الليل: ظلا، لبرده، ويقال المراد من الظل: ظل طوبى أو ظل الجنة، ويرد هذا قوله: (يوم لا ظل إلا ظله)، لأن المراد