ذلك، لأن مثل ابن عمر، بعدما روى أن المرور يقطع، قال: لا يقطع صلاة المسلم شيء، فلو لم يثبت عنده نسخ ذلك لم يقل بما قال من عدم القطع، ومن الدليل على ذلك أن ابن عباس، الذي هو أحد رواة القطع، وري أنه حمله على الكراهة.
وقال البيهقي: روى سماك عن عكرمة، قيل لابن عباس: أتقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار؟ فقال: * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) * (فاطر: 01) فما يقطع هذا، ولكن يكره. وقال الطحاوي: وقد روى عن نفر من أصحاب رسول ا: أن مرور بني آدم وغيرهم بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة، ثم أخرج عن سعيد بن المسيب بإسناد صحيح أن عليا وعثمان، رضي ا تعالى عنهما، قالا: (لا يقطع صلاة المسلم شيء وادرؤا ما استطعتم). وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة في (مصنفه): عن ابن المسيب عن علي وعثمان، قالا: (لا يقطع الصلاة شيء فادرؤوهم عنكم ما استطعتم). وأخرج الطحاوي: عن كعب بن عبد ا عن حذيفة بن اليمان يقول: (لا يقطع الصلاة شيء). وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا. وأخرج الطبراني من حديث علي، رضي ا عنه، مرفوعا: (لا يقطع الصلاة شيء إلا الحدث). وقال الكرماني: القائلون بقطع بمرورهم، من أين قالوا به؟ قلت: إما باجتهادهم، ولفظ: شبهتمونا، يدل عليه، إذ نسبت التشبيه إليهم، وإما بما ثبت عندهم من قول النبي.
قلت: هذا السؤال سؤال من لم يقف على الأحاديث التي فيها القطع، وأحد شقي الجواب غير موجه لأنه لا مجال للاجتهاد عند وجوب النصوص. ثم قال الكرماني: فإن الرسول به فلم لا يحكم بالقطع؟ قلت: إما لأنها رجحت خبرها على خبرهم من جهة أنها صاحبة الواقعة، ومن جهة أخرى، أو لأنها أولت القطع بقطع الخشوع ومواطأة القلب اللسان في التلاوة، لا قطع أصل الصلاة، أو جعلت حديثها وحديث ابن عباس مرور الحمار الأتان ناسخين له، وكذا حديث أبي سعيد الخدري حيث قال: (فليدفعه وفليقاتله)، من غير حكم بانقطاع الصلاة بذلك. فإن قلت: لم لم يعكس بأن يجعل الأحاديث الثلاثة منسوخة؟ قلت: للإحتراز عن كثرة النسخ، إذ نسخ حديث واحد أهون من نسخ ثلاثة، أو لأنها كانت عارفة بالتاريخ وتأخر عنه.
515461 ح دثنا إسحاق قال أخبرنا يعقوب بن براهيم قال حدثني ابن أخي ابن شهاب أنه سأل عمه عن الصلاة يقطعها شيء فقال لا يقطعها شيء أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي قالت لقد كان رسول الله يقوم فيصلي من الليل وإني لمعترضة بينه وبين القبلة على فراش أهله..
مطابقة الحديث للترجمة صريحة من قول الزهري.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه، هذه رواية أبي ذر، وفي رواية غيره وقع إسحاق غير منسوب، وزعم أبو نعيم أنه: إسحاق بن منصور الكوسج، وجزم ابن السكن بأنه: ابن راهويه، وقال: كل ما في البخاري عن إسحاق غير منسوب فهو ابن راهويه. وقال الكلاباذي: إسحاق ابن إبراهيم. وإسحاق بن منصور وكلاهما يرويان عن يعقوب. الثاني: يعقوب بن إبراهيم، وقد مر. الثالث: ابن أخي ابن شهاب هو محمد بن عبد ا بن مسلم، تقدم في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة. الرابع: عمه، هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الخامس: عروة بن الزبير. السادس: أم المؤمنين عائشة، رضي ا تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده) فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: الإخبار كذلك في موضعين وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: السؤال والقول. وفيه:
رواية الرجل عن عمه، وفيه: رواية التابعي عن الصحابية. وفيه: أن رواته مدنيون ما خلا إسحاق فإنه مروزي.
ذكر معناه) قوله: (لا يقطعها)، أي: لا يقطع الصلاة شيء، وهذا عام مخصوص بالأمور الثلاثة التي وقع النزاع فيها، لأن القواطع في الصلاة كثيرة مثل القول الكثير وغيرهما، وما من عام إلا وقد خص إلا: * (وا بكل شيء عليم) * (البقرة: 132، 282 النساء: 671 المائدة: 79 الأنفال: 57 التوبة: 511 النور: 53، 46 العنكبوت: 26 الحجرات: 61 المجادلة: 07 التغابن: 11) ونحوه. قوله: (أخبرني)، من تتمة مقول ابن شهاب. قوله: (وإني لمعترضة)، جملة اسمية مؤكدة: بأن، وللأم في موضع النصب على الحال.