بيان صورة الضرب للتعليم لا لبيان جميع ما يحصل به التيمم. وقال بعضهم: ويعقب بأن سياق الكلام يدل على التصريح أن المراد بيان جميع ما يحصل به التيمم، لأن ذلك هو الظاهر من قوله: إنما يكفيك. انتهى. قلت: قال الطحاوي وغيره. إن حديث عمار لا يصلح حجة في كون التيمم إلى الكفين أو الكوعين أو المرفقين أو المنكبين أو الإبطين، كما ذهبت إلى كل واحد طائفة من أهل العلم، وذلك لاضطرابه كما قد رأيت، فلذلك قال الترمذي: وقد ضعف بعض أهل العلم حديث عمار في التيمم للوجه والكفين لما روى عنه حديث المناكب والأباط.
6 ((باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء)) أي: هذا باب يبين فيه الصعيد الطيب إلى آخره، وباب، بالتنوين. قوله: (الصعيد) مبتدأ (والطيب) صفته، وقوله: (وضوء المسلم) خبره. وقد ذكرنا عن قريب معنى: الصعيد الطيب. قوله: (يكفيه) أي: يجزيه ويغنيه عن الماء عند عدمه حقيقة أو حكما، ومثل هذه الترجمة روى البزار من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا، وصححه ابن القطان. وقال الدارقطني: الصواب إرساله، وروى أبو داود من حديث أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر: (اجتمعت غنيمة عند رسول ا) الحديث، وفيه، فقال: (الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين). ورواه الترمذي أيضا، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه النسائي وابن حبان في (صحيحه) والحاكم في (المستدرك) وقال: حديث صحيح ولم يخرجاه، ولا يلتفت إلى تضعيف ابن القطان لهذا الحديث بعمرو بن بجدان لكون حاله لا يعرف، ويكفي تصحيح الترمذي إياه في معرفة حال عمرو بن بجدان، وبجدان، بضم الباء الموحدة وسكون الجيم بعدها دال مهملة وفي آخره نون. قوله: (ولو إلى عشر سنين) المراد بها الكثرة لا العشرة، وتخصيص العشرة لأجل الكثرة لأنها منتهى عدد الآحاد. والمعنى: أن له أن يفعل التيمم مرة بعد أخرى، وإن بلغت مدة عدم الماء إلى عشر سنين، وليس معناه: أن التيمم دفعة واحدة يكفيه عشر سنين.
وقال الحسن يجزئه التيمم ما لم يحدث.
أي: قال الحسن البصري: يكفيه التيمم الواحد ما لم يحدث، أي: مدة عدم الحدث. قوله: (يجزئه)، بضم الياء وبالهمزة في آخره من: الإجزاء، وهو لغة: الكفاية، واصطلاحا: الأداء الكافي لسقوط التعبد به، ويروى: (يجزيه)، بفتح الياء الأولى وسكون الثانية. وقال الجوهري: جزأت بالشيء اكتفيت به، وجزى عني هذا، أي: قضى فهو على التقديرين لازم، فلعل التقدير: