أنه حين سافر صلى الله عليه وسلم إلى مكة في حجة الوداع صلى الظهر بالمدينة أربعا ثم سافر فأدركته العصر وهو مسافر بذي الحليفة فصلاها ركعتين وليس المراد أن ذا الحليفة كان غاية سفره فلا دلالة فيه قطعا وأما ابتداء القصر فيجوز من حين يفارق بنيان بلده أو خيام قومه إن كان من أهل الخيام هذا جملة القول فيه وتفصيله مشهور في كتب الفقه هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة الا رواية ضعيفة عن مالك أنه لا يقصر حتى يجاوز ثلاثة أميال وحكى عن عطاء وجماعة من أصحاب ابن مسعود أنه إذا أراد السفر قصر قبل خروجه وعن مجاهد أنه لا يقصر في يوم خروجه حتى يدخل الليل وهذه الروايات كلها منابذة للسنة وإجماع السلف والخلف قوله يحيى بن يزيد الهنائي هو بضم الهاء وبعدها نون مخففة وبالمد المنسوب إلى هناء بن مالك بن فهم قاله السمعاني قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين هذا ليس على سبيل الاشتراط وإنما وقع بحسب الحاجة لأن الظاهر من أسفاره صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يسافر سفرا طويلا فيخرج عند حضور فريضة مقصورة ويترك قصرها بقرب المدينة ويتمها وإنما كان يسافر بعيدا من وقت المقصورة فتدركه على ثلاثة أميال أو أكثر أو نحو ذلك فيصليها حينئذ والأحاديث المطلقة مع ظاهر القرآن متعاضدات على جواز القصر من حين يخرج من البلد فإنه حينئذ يسمى مسافرا
(٢٠٠)