ذلك الأخبار السابقة.
ولا عجب من ذلك، فإن المرأة إنسانة تحتاج الحياة الزوجية إلى جنب حاجاتها المعيشية الأخرى. ولم يكن من المعيب على المرأة المسلمة أن تظهر هذه الحاجة إلى نبيها دون غيره، ويتضح ذلك في خبر المرأة التي عرضت نفسها على النبي (ص) وقالت: إني وهبت نفسي، فقامت طويلا. فقال رجل: زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، فقال النبي: هل عندك من شئ تصدقها؟ قال:
ما عندي إلا إزاري! فقال: إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، التمس شيئا. فقال: ما أجد شيئا. فقال التمس ولو خاتما من حديد، فلم يجد.
فقال: أمعك من القرآن شئ؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا وسماها، فقال: زوجتك بما معك من القرآن * * * وهكذا يتضح لنا بجلاء وجوه الحكمة في تزوج الرسول صلى الله عليه وآله ببضع عشر امرأة مؤمنة، غير أن أحاديث أم المؤمنين عائشة التي سبق إيراد بعضها ونورد بعضا منها في البحث الآتي وبعضها الآخر في المجلد الثاني إن شاء الله تعالى. إن تلكم الأحاديث من أم المؤمنين عائشة هي التي شوشت تلكم الاخبار فإنها تلقي في الذهن أن تعدد الزوجات من قبل الرسول صلى الله عليه وآله كان استجابة منه لهوى النفس - معاذ الله - فإن أصحاب الصحاح والسنن من الأحاديث رووا عنها - مثلا - أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله بعدما نزل قوله تعالى: (ترجي من تشاء وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) قالت:
والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
إننا نرى أن أم المؤمنين عائشة يمكن أن تتحدث بمثل هذا الحديث بعد عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وفي حكومة الخلفاء وحين كانت المتحدثة الرسمية للحكومة، أما أن تخاطب الرسول صلى الله عليه وآله وتقول له في عصر حكومته في المدينة:
(ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك) لا يمكن أن يقع ذلك، لان في هذا القول طعنا بمنشأ الوحي إذ أن منشأه هوى نفس الرسول صلى الله عليه وآله - معاذ الله -،