وفي تفسير الخازن 2: 232: قال ابن عباس والسدي: نزلت في مانعي الزكاة من المسلمين، وقال القرطبي في تفسيره 8: 123: قال أبو ذر وغيره: المراد بها أهل الكتاب وغيرهم من المسلمين، وهو الصحيح لأنه لو أراد أهل الكتاب خاصة لقال: و يكنزون بغير " والذين " فلما قال: " والذين " فقد استأنف معنى آخر يبين إنه عطف جملة على جملة، فالذين يكنزون كلام مستأنف وهو رفع على الابتداء، قال السدي:
على أهل القبلة.
وقال الزمخشري في الكشاف 2: 31: ويجوز أن يراد المسلمون الكانزون غير المنفقين. وقال البيضاوي في تفسيره 1: 499: ويجوز أن يراد به المسلمون الذين يجمعون المال ويقتنونه ولا يؤدون حقه. وقال الشوكاني في تفسيره 2: 339: والأولى حمل الآية على عموم اللفظ فهو أوسع من ذلك. وقال الآلوسي في تفسيره 10: 87:
والمراد من الموصول إما الكثير من الأحبار والرهبان، وإما المسلمون وهو الأنسب لقوله: ولا ينفقونها في سبيل الله.
فرأي أبي ذر أخذا بمجاميع هذه الكلمات هو الصحيح والأنسب والأولى، وما تفرد به بل ذهب إليه آخرون، فلماذا لا يقذفون هؤلاء بما قذف به أبو ذر، وهل لأبي ذر حساب آخر يسوغ الفرية عليه دون أولئك؟ نعم. نعم.
وأما السنة فقد روى نظير ما رواه غير واحد من الصحابة، لكن القوم لم يضمروا على أحد منهم من الحقد ما أضمروه على أبي ذر لمكان رأيه في الإمامة منذ الصدر الأول، ونزعته العلوية التي لم يزل مجاهرا بها، ومناوئته للبيت الأموي، فحاولوا تشويه ذكره وتفنيد رأيه بكل ما تيسر لهم، فمن أولئك الصحابة:
1 عبد الله بن مسعود قال: دخل النبي صلى الله عليه وآله على بلال وعنده صبرة من تمر فقال: ما هذا يا بلال؟ قال: أعد ذلك لأضيافك. قال: أما تخشى أن يكون لك دخان في نار جهنم؟ أنفق بلال! ولا تخش من ذي العرش إجلالا.
رواه البزاز بإسناد حسن والطبراني في الكبير وقال: أما تخشى أن يفور له بخار في نار جهنم؟.
2 أبو هريرة قال: إن النبي صلى الله عليه وآله عاد بلال فأخرج له صبرا من تمر فقال: ما هذا