أو لمستم. يحتمل اللمس باليد ويحتمل الجماع وجب أن يكون ذلك محمولا على ما لا يحتمل إلا معنى واحد لأن ما لا يحتمل إلا معنى واحدا فهو المحكم، وما يحتمل معنيين فهو المتشابه، وقد أمرنا الله تعالى بحمل المتشابه على المحكم ورده إليه بقوله: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب. الآية. فلما جعل المحكم أما للمتشابه فقد أمرنا بحمله عليه، وذم متبع المتشابه باقتصاره على حكمه بنفسه دون رده إلى غيره بقوله: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه. فثبت بذلك أن قوله " أو لمستم " لما كان محتملا للمعنيين كان متشابها وقوله " أو لامستم " لما كان مقصورا في مفهوم اللسان على معنى واحد كان محكما، فوجب أن يكون معنى المتشابه مبينا عليه.
ويدل على أن اللمس ليس بحدث: أن ما كان حدثا لا يختلف فيه الرجال والنساء ولو مست امرأة امرأة لم يكن حدثا، كذلك مس الرجل إياها (1) وكذلك مس الرجل الرجل ليس بحدث. فكذلك مس المرأة. ودلالة ذلك على ما وصفنا من وجهين: أحدهما إنا وجدنا الأحداث لا تختلف فيها الرجال والنساء فكل ما كان حدثا من الرجل فهو من المرأة حدث، وكذلك ما كان حدثا من المرأة فهو حدث من الرجل، فمن فرق بين الرجل والمرأة فقوله خارج عن الأصول، ومن جهة أخرى: أن العلة في مس المرأة المرأة والرجل الرجل إنه مباشرة من غير جماع فلم يكن حدثا كذلك الرجل والمرأة. ا ه.
فترى بعد هذه كلها أن رأي الخليفة شاذ عن الكتاب والسنة الثابتة وإجماع الأمة، واجتهاد محض تجاه النصوص المسلمة، ولذلك خالفته الأمة الإسلامية جمعاء من يومها الأول حتى اليوم، وأصفقت على وجوب التيمم على الجنب الفاقد للماء ولم يتبعه فيما رآه أحد إلا عبد الله بن مسعود - إن صحت النسبة إليه -.
ويظهر من صحيحة الشيخين - البخاري ومسلم - عن شقيق أن الاجتهاد المذكور في آيتي التيمم والتأويل في قوله (أو لامستم) كما ذكر من مختلفات التابعين ومن بعدهم، وكان مفاد الآيتين متفقا عليه عند الصحابة ولم يكن قط اختلاف بينهم فيه وإنما كره