الغدير - الشيخ الأميني - ج ٦ - الصفحة ٣٣٦
في فئ المسجد، قال: ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة فقال لها: أين ابن عمك؟
فقالت: هو ذاك مضطجع في المسجد. قال: فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده قد سقط رداؤه على ظهره وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول: إجلس أبا تراب. فوالله ما سماه به إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووالله ما كان له اسم أحب إليه منه.
وفي لفظ البيهقي في السنن الكبرى 2 ص 446: استعمل علي المدينة رجل من آل مروان فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم عليا رضي الله عنه قال: فأبي سهل فقال له:
أما إذا أبيت فقل: لعن الله أبا تراب. فقال سهل: ما كان لعلي رضي الله عنه اسم أحب إليه من أبي تراب، وإن كان ليفرح إذا دعي بها. فقال له: أخبرنا عن قصته لم سمي أبا تراب؟ الحديث.
لا تعارض بين هذا الصحيح وبين ما مر من الأحاديث الصحيحة الدالة على تكني أمير المؤمنين بأبي تراب يوم العشيرة أو يوم التآخي، وليس في كل منها ومن هذا إلا عد موقف من المواقف التي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأبي تراب، ولعل سهل بن سعد ما كان يعلم من تلكم المواقف إلا ما حدث به، فلا وازع هناك عن ثبوت الجميع، ومن زعم التعارض بين هذا وتلك (1) واختلق بزعمه ما يتأتى به الجمع فقد كشف عن خداج رأيه.
نعم عند الحفاظ في متن حديث سهل اضطراب ينبأ عن تصرف الأهواء فيه، وفي بعض ألفاظه إيهام المباغضة بين أمير المؤمنين وابنة عمه الطاهرة الصديقة فاطمة كما أوعز إليها شاعرنا المالكي المترجم بقوله:
وكان عن الزهراء بالمتشرد وهما سلام الله عليهما بعيدان عن ذلك بما منحهما الله تعالى من العصمة بنص الكتاب الكريم.
وروى ابن إسحاق (2) عن بعض أهل العلم أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمى عليا أبا تراب إنه كان إذا عتب على فاطمة في شئ لم يكلمها، ولم يقل لها شيئا

(١) راجع شرح المواهب اللدنية للزرقاني ١ ص ٣٩٥.
(٢) ذكره ابن هشام في السيرة النبوية ٢ ص ٢٣٧، والعيني في عمدته 7 ص 630.
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»