مشية الله فقد أخرج الله من سلطانه، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله ومن كذب على الله أدخله الله النار (وفي ذيله بيان) (51) في التشبيه والجبر (52) في أن الغلاة وضعوا الاخبار التشبيه والجبر (53) مناظرة الإمام الصادق عليه السلام والقدري بالشام (55) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال يوما: أعجب ما في الانسان قلبه فيه مواد من الحكمة وأضداد لها من خلافها! فان سنح له الرجاء ولهه الطمع! وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص! وإن ملكه اليأس قتله الأسف! وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ! وإن أسعد بالرضا نسي التحفظ! وإن ناله الخوف شغله الحزن وإن أصابته مصيبة قصمه الجزع! وإن وجد مالا أطغاه الغنى! وإن عضته فاقة شغله البلاء! وإن أجهده الجوع قعد به الضعف! وإن أفرط به الشبع كظته البطنة! فكل تقصير به مضر وكل افراط له مفسد.
فقام إليه رجل ممن شهد وقعة الجمل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر؟ فقال: بحر عميق فلا تلجه، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر؟ فقال بيت مظلم فلا تدخله، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر؟
فقال سر الله فلا تبحث عنه، فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر؟ فقال:
لما أبيت فإنه أمر بين أمرين لا جبر ولا تفويض، فقال يا أمير المؤمنين إن فلانا يقول بالاستطاعة وهو حاضر! فقال علي عليه السلام علي به، فأقاموه فلما رآه قال له:
الاستطاعة تملكها مع الله أو من دون الله، وإياك أن تقول واحدة منهما فترتد، فقال: وما أقول يا أمير المؤمنين؟ قال: قل: أملكها بالله الذي أنشأ ملكتها (56)