واستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل (1) فقال سلمان: يا رسول الله إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة، قال: فما نصنع؟ قال: نحفر خندقا يكون بيننا (2) و بينهم حجابا، فيمكنك منعهم (3) في المطاولة، ولا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه، فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم (4) من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة، فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أشار بصواب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بمسحه (5) من ناحية أحد إلى راتج، وجعل على كل عشرين خطوة وثلاثين خطوة قوم (6) من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر فحملت المساحي والمعاول، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، وأمير المؤمنين عليه السلام ينقل التراب من الحفرة، حتى عرق رسول الله صلى الله عليه وآله وعي (7) وقال: " لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم اغفر للأنصار والمهاجرين " فلما نظر الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقلوا التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر. وقعد رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الفتح، فبينا المهاجرون
(٢١٨)