شيئا لما احتمله الناس من حسنه، قلت: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحمل الناس من خلفه (1) ما يطيقون (2).
23 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: صف لي نبي الله صلى الله عليه وآله، قال: كان نبي الله أبيض مشرب حمرة، أدعج العينين، مقرون الحاجبين، شثن الأطراف، كأن الذهب أفرغ على براثنه، عظيم مشاشة المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعا من شدة استرساله، سربته (3) سائلة من لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة، وكأن عنقه إلى كاهله إبريق فضة، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء، وإذا مشى تكفأ كأنه ينزل في صبب، لم ير مثل نبي الله صلى الله عليه وآله قبله ولا بعده صلى الله عليه وآله (4).
بيان: قوله عليه السلام: كأن الذهب افرغ على براثنه، لعل المراد وصف صلابة كفه صلى الله عليه وآله وشدة قبضه مع عدم يبس ينافي سهولة القبض، فإن الذهب لها جهة صلابة ولين، ويحتمل أن يكون التشبيه في الحمرة أو في النور، وفي إعلام الورى: على تراقيه، وقد مر مثله. قوله عليه السلام: من شدة استرساله، الاسترسال. الاستيناس والطمأنينة إلى الانسان، والثقة به فيما يحدثه ذكره الجزري، وهذا يدل على أن التفاته صلى الله عليه وآله جميعا إنما كان لعدم نخوته، وشدة لطفه، وحسن خلقه، لا كما ظنه الأكثر أنه إنما كان يفعل ذلك لمتانته ووقاره كما مر، والسربة بالضم: الشعر وسط الصدر إلى البطن.
وقوله عليه السلام: كأنها وسط الفضة، تشبيه بليغ، حيث شبه هذا الخيط من الشعر في وسط البطن بما يتخيل الانسان من خط أسود في وسط الفضة المصقولة إذا كانت فيها حدبة فلا تغفل.