القيامة " يريد أنهم اتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فأما المصطفى فقد شاركه فيه الأنبياء صلى الله عليه وعليهم أجمعين، ومعنى الاصطفاء الاختيار، وكذلك الصفوة والخيرة، إلا أن اسم المصطفى على الاطلاق ليس إلا له صلى الله عليه وآله، لأنا نقول: آدم مصطفى، نوح مصطفى، إبراهيم مصطفى، فإذا قلنا: المصطفى تعين صلى الله عليه وآله، وذلك من أرفع مناقبه وأعلى مراتبه.
ومن أسمائه صلى الله عليه وآله، الرسول النبي الأمي، والرسول والنبي، قد شاركه فيهما الأنبياء عليهم السلام والرسول من الرسالة والارسال، والنبي يجوز أن يكون من الأنباء:
الاخبار (1)، ويحتمل أن يكون من نبأ: إذا ارتفع، سمي بذلك لعلو مكانه، ولأنه خيرة الله من خلقه، وأما الأمي فقال قوم: إنه منسوب إلى مكة، وهي أم القرى، كما قال تعالى: " بعث في الأميين رسولا " وقال آخرون: أراد الذي لا يكتب، قال ابن فارس:
وهذا هو الوجه، لأنه أدل على معجزه، وإن الله (2) علمه علم الأولين والآخرين، ومن علم الكائنات ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وهو أمي، والدليل عليه قوله تعالى: " وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون " وروي عنه: " نحن أمة أمية لا نقرء ولا نكتب " وقد روي غير هذا.
ومن أسمائه صلى الله عليه وآله: يا أيها المزمل، يا أيها المدثر، ومعناهما واحد، يقال:
زمله في ثوبه أي لفه، وتزمل بثيابه أي تدثر، والكريم في قوله تعالى: " إنه لقول رسول كريم " وسماه نورا في قوله تعالى: " ولقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ". ونعمة في قوله تعالى: " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها " وعبدا في قوله تعالى: " نزل الفرقان على عبده " لا تدعني (3) إلا بيا عبده، فإنه أشرف أسمائي، ورؤوفا ورحيما في قوله تعالى: " بالمؤمنين رؤوف رحيم " وسماه عبد الله في قوله: " وإنه لما قام عبد الله يدعوه " وسماه طه ويس ومنذرا في قوله تعالى: " إنما أنت منذر " ومذكرا في قوله تعالى: " إنما أنت مذكر ".