علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأنا أقول: إن أبا بكر خير الناس وبعده عمر، (1) فما تقول أنت رحمك الله؟ فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال: كفى بمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كرما وفخرا، أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره، فأي حجة أوضح لك من هذه؟ فقال له فضال: إني قد قلت ذلك لأخي، فقال: والله لئن كان الموضع لرسول الله (صلى الله عليه وآله) دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد أساءا وما أحسا إذ رجعا في هبتهما ونكثا عهدهما، فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال له: لم يكن له ولا لهما خاصة، ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما، فقال له فضال قد قلت له ذلك فقال:
أنت تعلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) مات عن تسع حشايا، ونظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك؟ وبعد فما بال حفصة وعائشة ترثان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة بنته تمنع الميراث؟
فقال أبو حنيفة: يا قوم نحوه عني فإنه والله رافضي خبيث. (2) 3 - ومما حكى الشيخ رحمه الله قال: قال الحارث بن عبد الله الربعي: (3) كنت جالسا في مجلس المنصور وهو بالجسر الأكبر وسوار القاضي عنده، (4) والسيد الحميري ينشده:
إن الا له الذي لا شئ يشبهه * أتاكم الملك للدنيا وللدين أتاكم الله ملكا لا زوال له * حتى يقاد إليكم صاحب الصين وصاحب الهند مأخوذ برمته * وصاحب الترك محبوس على هون حتى أتى على القصيدة والمنصور مسرور. فقال: سوار إن هذا والله يا أمير