بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٣٧
وفي قوله: " كالظلل " شبه الموج بالسحاب الذي يركب بعضه على بعض، و قيل: يريد كالجبال " فمنهم مقتصد " أي عدل في الوفاء في البر بما عاهد الله عليه في البحر من التوحيد له، روى السدي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وآله الناس إلا أربعة نفر قال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن أخطل، وقيس بن سبابة، و عبد الله بن أبي سرح، فأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم ريح عاصفة، فقال أهل السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ههنا، فقال عكرمة: لئن لم ينجني في البحر إلا الاخلاص ما ينجيني في البر غيره، اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه إني آتي محمدا حتى أضع يدي في يده، فلأجدنه عفوا كريما، فجاء فأسلم. والختر: أقبح الغدر. (1) وفي قوله: " ما أتاهم من نذير من قبلك " يعني قريشا، إذ لم يأتهم نبي قبل نبينا صلى الله عليه وآله، وإن أتى غيرهم من قبائل العرب مثل خالد بن سنان العبسي، وقيل: يعني أهل الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله لم يأتهم نبي قبله " في ستة أيام " أي فيما قدره ستة أيام " ثم استوى على العرش " بالقهر والاستعلاء. (2) وفي قوله: " أولئك لهم عذاب من رجز " أي سئ العذاب " أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض " كيف أحاطت بهم وذلك أن الانسان حيثما نظر رأى السماء والأرض قدامه وخلفه وعن يمينه وشماله، فلا يقدر على الخروج منها " كسفا " من السماء أي قطعة منها تغطيهم وتهلكهم. (3) " وماله منهم من ظهير " أي ليس له سبحانه منهم معاون على خلق السماوات والأرض ولا على شئ من الأشياء " وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " إنما قال ذلك على وجه الانصاف في الحجاج دون الشك، كما يقول القائل: أحدنا كاذب، وإن كان هو عالما بالكاذب " ثم يفتح بيننا " أي يحكم بالحق. (4)

(1) مجمع البيان 8: 323.
(2) مجمع البيان 8: 325 و 326.
(3) مجمع البيان 8: 377 و 379.
(4) مجمع البيان 8: 389 و 390.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست