للشتاء، فتعجب جميع من معنا من ذلك، فلما رأى بحيرا الراهب ذلك ذهب، فاتخذ لرسول الله صلى الله عليه وآله طعاما بقدر ما يكفيه.
ثم جاء وقال: من يتولى أمر هذا الغلام؟ فقلت: أنا، فقال: أي شئ تكون منه؟ عليه السلام فقلت: أنا عمه، فقال: يا هذا إن له أعماما، أي الأعمام أنت؟ فقلت أنا أخو أبيه من أم واحدة، فقال: إنه هو، وإلا فلست بحيراء (1).
ثم قال لي: يا هذا أتأذن لي أن أقرب هذا الطعام منه ليأكله؟ فقلت:
قربه إليه، والتفت إلى النبي صلى الله عليه وآله فقلت: يا بني رجل أحب أن يكرمك فكل، فقال: هو لي دون أصحابي؟ فقال بحيرا: نعم هو لك خاصة، فقال النبي صلى الله عليه وآله: فإني لا آكل دون هؤلاء، فقال بحيرا: إنه لم يكن عندي أكثر من هذا، فقال: أفتأذن يا بحيرا أن يأكلوا معي؟ فقال: بلى فقال: كلوا بسم الله، فأكل وأكلنا معه، فوالله لقد كنا مائة وسبعين رجلا وأكل كل واحد منا حتى شبع وتجشئ، قال: وبحيرا قائم على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله يذب عنه ويتعجب من كثرة الرجال وقلة الطعام، وفي كل ساعة يقبل رأسه ويافوخه (2)، ويقول: هو هو ورب المسيح، والناس لا يفقهون، فقال له رجل من الركبان: إن لك لشأنا وقد كنا نمر بك قبل اليوم فلا تفعل بنا هذا البر؟ فقال بحيرا: والله إن لي لشأنا وشأنا وإني لأرى ما لا ترون، وأعلم ما لا تعلمون، وإن تحت هذه الشجرة لغلاما لو أنتم تعلمون منه ما أعلم لحملتموه على أعناقكم حتى تردوه إلى وطنه والله ما أكرمتكم إلا له.
ولقد رأيت له وقد أقبل نورا أمامه ما بين السماء والأرض، ولقد رأيت رجالا في أيديهم مراوح الياقوت والزبرجد يروحونه، وآخرون ينثرون عليه