وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه الحسن عليه السلام كما في " نهج البلاغة ": أحي قلبك بالموعظة... إلى أن قال: وأعرض عليه أخبار الماضين، وذكره بما أصاب من كان قبلك من الأولين، وسر في ديارهم وآثارهم، فانظر فيما فعلوا ومما انتقلوا، وأين حلوا ونزلوا... " إلى أن قال عليه السلام: " أي بني إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم، وفكرت في أخبارهم. وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم، بل كأني بما انتهي إلى من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره ونفعه من ضرره " (1).
قال القاضي الأرجاني أحمد بن محمد المتوفي سنة (544):
إذا علم الإنسان أخبار ما مضى * توهمته قد عاش من أول الدهر وتحسبه قد عاش آخر عمره * إذا كان قد أبقى الجميل من الذكر فقد عاش كل الدهر من كان عالما * حليما كريما فاغتنم أطول العمر ففوائد التاريخ كثيرة: فكرة، وتنبيه، وعبرة، لا سيما إذا كان مرتبطا بحياة الأولياء الصالحين، وأحوال الأصفياء المقربين، فإن المعرفة بأحوالهم رفعة وزين، والجهل بحياتهم وصمة وشين، والعلم بأقوالهم الرزينة وأفعالهم الوزينة جم المصالح والمراشد، والجهل بها من جوالب المناقص والمفاسد، من حيث إنهم حفظة الدين الذي هو أس السعادة الباقية، وحملة القرآن الذي هو مرقاة إلى الرتب العالية، بل هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيئ الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة.
ولنعم ما قال الخطيب أبو الفضل الحصفكي يحيى بن سلامة المتوفي سنة (553):
يا سائلي عن حب أهل البيت هل * أقر إعلانا به أم أجحد هيهات ممزوج بلحمي ودمي * حبهم وهو الهدى والرشد حيدرة والحسنان بعده * ثم علي وابنه محمد