يدخر عنهم منه شيئا.
وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل باذنه، وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم، ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة (1) من مسألته عنهم وإخبارهم بالذي ينبغي، ويقول: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيمة، لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقيد (2) من أحد عثرة، يدخلون روادا (3)، ولا يفترقون إلا عن ذواق (4)، ويخرجون أذلة (5)، فسألته عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وآله كيف كان يصنع فيه؟
فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخزن لسانه إلا عما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد بشره ولا خلقه.
ويتفقد أصحابه، ويسأل عما في الناس (6)، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهنه.
معتدل الامر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، ولا يقصر