حلية الأبرار - السيد هاشم البحراني - ج ١ - الصفحة ١٧٥
يدخر عنهم منه شيئا.
وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل باذنه، وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم، ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة (1) من مسألته عنهم وإخبارهم بالذي ينبغي، ويقول: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيمة، لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقيد (2) من أحد عثرة، يدخلون روادا (3)، ولا يفترقون إلا عن ذواق (4)، ويخرجون أذلة (5)، فسألته عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وآله كيف كان يصنع فيه؟
فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخزن لسانه إلا عما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد بشره ولا خلقه.
ويتفقد أصحابه، ويسأل عما في الناس (6)، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهنه.
معتدل الامر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، ولا يقصر

(1) في العيون: وأصلح الأمة.
(2) في العيون والمكارم: ولا يقبل من أحد غيره، وفي نسخة: ولا يقيل (من الإقالة) - قال في البحار: من رواه ولا يقيد بالدال أي من جنى عليه جناية اغتفرها وصفح عنها تصفحا وتكرما، إذا كان تعطيلها لا يضيع من حقوق الله شيئا، ومن رواه يقيل باللام ذهب إلى أنه صلى الله عليه وآله لا يضيع حقوق الناس التي يجب لبعضهم على بعض.
(3) يدخلون روادا: أي طالبين للعلم ملتمسين الحكم من عنده، والرواد (بضم الراء وتشديد الواو) جمع الرائد وهو الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلاء ومساقط الغيث.
(4) لا يفترقون إلا عن ذواق: أي لا يفترقون إلا عن علوم يذوقون من حلاوتها ما يذاق من الطعام المشتهى.
(5) في البحار: ويخرجون أدلة (بالدال المهملة) وقال: ومنهم من قرأ أذلة (بالذال المعجمة) أي يخرجون متعظين بما وعظو، وهو تصحيف والصحيح بالدال المهملة أي يخرجون هداة للناس.
(6) في البحار: ويسأل الناس عما في الناس، وفي العيون: عما الناس فيه.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست