حلية الأبرار - السيد هاشم البحراني - ج ١ - الصفحة ١٦٨
الانف (1)، مفلج الثنايا (2)، كأن عنقه إبريق فضة، كأن الذهب يجري في تراقيه (3)، له شعرات من صدره إلى سرته، ليس على بطنه ولا على صدره شعر.
أسمر اللون، دقيق المسربة، شثن الكف والقدم (4)، إذا التفت التفت جميعا وإذا مشى كأنما يتقلع من الصخرة، وينحدر من صبب، وإذا جاء مع القوم بذهم (5)، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، وريح المسك تنفخ منه، لم ير قبله مثله ولا بعده.
طيب الريح، نكاح النساء، ذو النسل القليل، إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة لا صخب (6) فيه ولا نصب (7)، يكفلها في آخر الزمان، كما كفل زكريا أمك.
لها فرخان مستشهدان، كلامه القرآن، ودينه الاسلام (وأنا السلام)، طوبى لمن أدرك زمانه، (شهد أيامه)، وسمع كلامه.
قال عيسى: يا رب، وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة، أنا غرستها، تظل الجنان، أصلها من رضوان، وماؤها من تسنيم، برده برد الكافور، وطعمه طعم الزنجبيل، من يشرب من تلك العين شربة لا يظمأ بعدها أبدا.
فقال عيسى: " اللهم اسقني منها " قال: حرام يا عيسى على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي، وحرام على الأمم أن يشربوا منها حتى

(1) الأقنى: الأنف الذي ارتفع وسط قصبته وضاق منخره.
(2) مفلج الثنايا: منفرجها.
(3) كأن الذهب يجري في تراقيه: قال المجلسي قدس سره: لعله كناية عن حمرة ترقوته صلى الله عليه وآله، أو سطوع النور منها.
(4) شثن الكف والقدم: قال الجزري: أي أنهما، يميلان إلى الغلظ والقصر.
(5) بذهم: سبقهم وغلبهم.
(6) الصخب (بفتح الصاد والخاء المعجمة): اختلاط الأصوات.
(7) النصب (بفتح النون والصاد المهملة): العناء - التعب - الداء.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 167 168 169 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست