محمد صلى الله عليه وآله وعظم على قريش أمره ونزول الوحي عليه وما كان يخبرهم به قال بعضهم لبعض: ليس لنا إلا قتل محمد، وقال أبو سفيان: أنا أقتله لكم، قالوا: وكيف تصنع؟ قال: بلغنا أنه يظل كل ليلة في مغار جبل أو في واد وقد عرفت أنه في هذه الليلة يمضي إلى جبل حراء فيظل فيه، قالوا:
ويحك يا أبا سفيان إنه لا يمشي عليه أحد إلا قذفه حتى يقطعه، وكيف يمضي أحد إليه؟!
وبعثوا إلى أرصاد (1) لهم على النبي صلى الله عليه وآله فقال تجسسوا لنا عليه الليلة، ودوروا من حول جبل حراء، فلعل محمدا يعلوه فيقذفه، فتكفون مؤنته، فلما جن عليه الليل أخذ النبي صلى الله عليه وآله بيد علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم خرجا وأصحابه لا يشعرون، وأبو سفيان وجميع من في الرصد مقنعون (2) بالحديد من حول حراء، فما شعروا حتى وافى رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام بين يديه، فصعدا جبل حراء فلما صارا عليه وفي ذروته، اهتز الجبل وماج (3)، ففزع أبو سفيان ومن معه، فتباعدوا من الجبل، وقالوا: كفينا مؤنة محمد وقد قذفه حراء وقطعه، فاطلبوه من حول الجبل، فسمعوا النبي صلى الله عليه وآله يقول: أسكن حراء فما عليك إلا نبي ووصي نبي.
فقال أبو سفيان: فسمعت محمدا، يقول: جبل حراء إن قرب منك أبو سفيان ومن معه فأدمهم بهوامك (4) حتى تنهشهم فتجعلهم حصيدا خامدين قال أبو سفيان: فسمعت حراء يلبيه من كل جوانبه ويقول: سمعا وطاعة لك يا رسول الله ولوصيك، فسعينا على وجوهنا خوفا أن نهلك بما قال محمد صلى الله عليه وآله، وأصبحوا واجتمعت قريش فقصوا قصتهم وما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وما خاطب به جبل حراء وما أجابه، فقال أبو جهل لعنه