فيما نذكره من طريق آخر عن أبي ذر رضي الله عنه بتسمية مولانا علي عليه السلام (أمير المؤمنين حقا أمير المؤمنين)، سماه أبو ذر بذلك في ولاية عثمان.
اعلم أنا قد روينا فيما تقدم مرض أبي ذر في زمان عمر بن الخطاب، وقوله عن مولانا علي عليه السلام أنه أمير المؤمنين حقا حقا، مما يقتضي أن تسمية مولانا علي عليه السلام بذلك كان من الله ورسوله صلوات الله عليه وآله، وأنه ليس كمن سماه الناس بهذا، ونذكر الآن مرض أبي ذر في زمان عثمان وما شهد به أبو ذر أيضا رضي الله عنه من تسمية مولانا علي عليه السلام بأمير المؤمنين حقا، لأنه الذي شهد له رسول الله صلوات الله عليه وآله: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
روينا ذلك بأسانيدنا إلى الحافظ أحمد بن مردويه بما هذا لفظه:
حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم قال: حدثنا عمران بن عبد الرحيم (1) قال: حدثنا أبو الصلت الهروي قال: حدثنا يحيى بن يمان قال: حدثنا سفيان الثوري قال: حدثنا داود بن أبي عوف قال: حدثنا معاوية بن ثعلبة قال:
دخلنا على أبي ذر رضي الله عنه نعوده في مرضه الذي مات فيه. فقلنا:
أوص يا أبا ذر. قال: قد أوصيت إلى أمير المؤمنين. قال: قلنا: عثمان؟
قال: لا، ولكن إلى أمير المؤمنين حقا أمير المؤمنين، والله إنه لربي (2) الأرض وإنه لرباني هذه الأمة، ولو قد فقدتموه لأنكرتم الأرض ومن عليها.