قال: فأكتب إذا كتابا معك توصله إلى فلان التاجر؟ قلت: نعم.
قال: يا غلام هات الدواة والقرطاس. فخرج الغلام ليأتي بهما من دار أخرى.
فلما غاب الغلام صهل الفرس وضرب بذنبه (1) فقال له بالفارسية: ما هذا القلق. فصهل الثانية فضرب بذنبه (2). فقال [له] - بالفارسية -: لي حاجة أريد أن أكتب كتابا إلى المدينة فاصبر حتى أفرغ. فصهل الثالثة وضرب بيديه، فقال له - بالفارسية -:
اقلع، فامض إلى ناحية البستان، وبل هناك ورث، وارجع، فقف هناك مكانك.
فرفع الفرس رأسه وأخرج العنان من موضعه، ثم مضى إلى ناحية البستان حتى لا نراه (3) في ظهر الفازة، فبال، وراث، وعاد إلى مكانه.
فدخلني من ذلك ما الله به عليم، ووسوس الشيطان في قلبي فأقبل إلي فقال:
يا أحمد لا يعظم عليك ما رأيت، إن ما أعطى الله محمدا وآل محمد، أكثر مما أعطى داود وآل داود.
قلت: صدق ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فما قال لك؟ وما قلت له؟ فما (4) فهمته.
فقال: قال لي الفرس: قم فاركب إلى البيت حتى تفرغ عني. قلت: ما هذا القلق؟ قال: قد تعبت. فقلت: لي حاجة أريد أن أكتب كتابا إلى المدينة فإذا فرغت ركبتك. قال: إني أريد أن أروث وأبول، وأكره أن أفعل ذلك بين يديك. فقلت له: اذهب إلى ناحية البستان فافعل ما أردت، ثم عد إلى مكانك. ففعل الذي رأيت.
ثم أقبل الغلام بالدواة والقرطاس - وقد غابت الشمس - فوضعها بين يديه فأخذ في الكتابة حتى أظلم [الليل] (5) فيما بيني وبينه، فلم أر الكتاب، وظننت أنه قد أصابه الذي أصابني.