ولم يغزوا (1) المسلمون ولم يطؤوها ولكن الله أفاءها على رسوله، وطوف به جبرئيل في دورها وحيطانها وغلق الباب ودفع المفاتيح إليه فجعلها رسول الله في غلاف سيفه وهو معلق بالرحل. ثم ركب وطويت له الأرض كطي الثوب، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وهم على مجالسهم لم يتفرقوا ولم يبرحوا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للناس: قد انتهيت إلى فدك، وإني قد أفاءها الله علي.
فغمز المنافقون بعضهم بعضا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذه المفاتيح فدك.
ثم أخرجها (2) من غلاف سيفه، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وآله وركب معه الناس فلما دخل على فاطمة عليها السلام فقال: يا بنية إن الله قد أفاء على أبيك بفدك واختصه بها فهي لي خاصة دون المسلمين، أفعل بها ما أشاء، وإنه قد كان لامك خديجة على أبيك مهر، وإن أباك قد جعلها لك بذلك، ونحلتكها تكون (3) لك ولولدك بعدك.
قال: فدعا بأديم عكاظي (4) ودعا علي بن أبي طالب عليه السلام فقال:
أكتب لفاطمة بفدك نحلة من رسول الله صلى الله عليه وآله.
وشهد على ذلك علي بن أبي طالب، ومولى لرسول الله، وأم أيمن.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إن أم أيمن امرأة من أهل الجنة وجاء أهل فدك إلى النبي صلى الله عليه وآله فقاطعهم على أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة. (5) *