فقام (1) فحمد الله، وأثنى عليه، وذكر جده فصلى عليه ثم قال: [أيها الناس] من عرفني قد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي [بن أبي طالب]، وابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله، أنا ابن رسول الله، أنا ابن نبي الله، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس، أنا ابن خير خلق الله بعد رسول الله، أنا ابن صاحب الفضائل، أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل، أنا ابن أمير المؤمنين، أنا المدفوع عن حقي (2) أنا وأخي سيدا شباب أهل الجنة، أنا ابن الركن والمقام، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن المشعر وعرفات.
فغاظ (3) معاوية فقال: خذ في نعت الرطب ودع ذا.
فقال: الريح تنفخه، والحر ينضجه، وبرد الليل يطيبه.
ثم عاد فقال: أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن من قاتلت معه الملائكة، أنا ابن من خضعت له قريش، أنا [ابن] إمام الخلق وابن محمد رسول الله.
فخشي معاوية أن يفتتن به الناس، فقال: يا أبا محمد أنزل، فقد كفى ما جرى.
فنزل، فقال له معاوية: ظننت أن ستكون خليفة، وما أنت وذاك.
فقال الحسن: إنما الخليفة من سار بكتاب الله وسنة رسوله، ليس الخليفة من سار بالجور، وعطل السنن، واتخذ الدنيا أبا وأما، ملك ملكا متع فيه قليلا، ثم تنقطع لذته، وتبقى تبعته.
وحضر المحفل رجل من بني أمية وكان شابا، فأغلظ للحسن كلامه، وتجاوز الحد في السب والشتم له ولأبيه.
فقال الحسن: اللهم غير ما به من النعمة، واجعله أنثى ليعتبر به، فنظر الأموي